الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن أوروبا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟ (ملف)

يوليو 09, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI 

يتناول الملف بالعرض والتحليل تزايد الإنفاق العسكري وصفقات التسلح في أوروبا، كما يتناول الأسباب التي تدفع دول أوروبا إلى تصعيد الإنفاق والتسلح، ويتطرق الملف إلة موقف الاحزاب السياسية والرأي العام الأوروبي من سباق التسلح، ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. أمن ألمانيا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟
  2. أمن فرنسا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟
  3. أمن هولندا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟
  4. أمن بلجيكا ـ ما الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

1- أمن ألمانيا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

يبقى حلف الناتو المظلة الوحيدة القادرة على حماية أعضائه الذين وصل عددهم إلى 32 مع انضمام فنلندا والسويد، لكن تشكل ألمانيا حالة على حدة، فبعد أن كانت ميزانيتها الدفاعية والعسكرية منخفضة ، عمدت إلى دفعها بقوة إلى الأعلى مع تخصيص مبلغ (100) مليار يورو للدفاع، بحيث تحتل ميزانيتها المرتبة الثانية أوروبيا بعد بريطانيا، وتصبح ألمانيا في المرتبة السابعة عالميا.

الإنفاق الدفاعي في ألمانيا

ارتفعت النفقات الدفاعية على الصعيد العالمي لتصل الى (2.2) تريليون دولار وبلغت حصة ألمانيا وفرنسا مجتمعة (50 إلى 52 ) مليار دولار تعود زيادة المصاريف الأوروبية الدفاعية، أساسا، لزيادة الاحتياجات في صناعة الاليات، وخصوصا، تصنيع الذخيرة للتعويض عن الخسارات في أوكرانيا.

تقوم المرحلة الجديدة على تجهيز الجيش الألماني ورفع قدراته وموارده اعتمادا على صندوق تمويل التسليح. ومما يؤكد خطط ألمانيا لزيادة تصنيع الأسلحة، هو بناء شركة الأسلحة الألمانية راينميتال مصنع جديد لزيادة إنتاجها من الذخيرة، كذلك من عام 2014 إلى عام 2023 زادت ألمانيا من نفقاتها العسكرية، حيث ارتفع الرقم بنسبة هائلة بلغت (48% )

أكدت ألمانيا على التزاماتها تجاه الناتو،ووافق البرلمان الألماني على ميزانية عام 2024 التي تسمح بتخصيص (2%) من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع. خصصت الحكومة الألمانية (73.41) مليار دولار من أجل الإنفاق على مجال الدفاع خلال العام 2024، وهذا يعد رقما قياسيا بالنسبة لألمانيا، كما أنه يمثل (2.01% ) من إجمالي الناتج المحلي.

تخصيص حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا

سمحت الحكومة الألمانية بتصدير سلع عسكرية بقيمة لا تقل عن (4.89 )مليار يورو، أي ما يقرب من قيمة الأسلحة التي وافقت برلين على تصديرها في النصف الأول من عام 2023 والتي بلغ إجماليها (5.22 ) مليار يورو. وذهبت نسبة (72%) من قيمة هذه الصادرات (54.3 مليار يورو) لأوكرانيا.أعلن وزير الصناعات الاستراتيجية الأوكراني ألكسندر كاميشين انطلاق مشروع مشترك على أراضي بلاده مع ألمانيا يعتبر الأول من نوعه ويهدف لإصلاح وإنتاج المركبات الحربية المدرعة في يونيو 2024.

أفاد تقرير في الثاني من أبريل 2024 أن برلين بصدد شراء (180) ألف قذيفة مدفعية بقيمة (576) مليون يورو من دول ثالثة لأوكرانيا، في إطار ما المبادرة التشيكية لدعم كييف. وكان وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس” قد أعلن تخصيص حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة (500) مليون يورو.

كشفت نتائج استطلاع للرأي في يونيو 2024 حول استخدام أسلحة ألمانية داخل روسيا أن أغلبية نسبية ممن شملهم الاستطلاع بنسبة تقدر بـ (43%) ترى أن هذا القرار خاطئ (إلى حد ما) مقابل (38%) يرون أنه قرار صحيح (إلى حد ما)، فيما لم يبد (8%) اهتماما بالقرار، وقال (8%)آخرون إنهم لا يستطيعون الإجابة على سؤال الاستطلاع فيما أعرب (3%) عن عدم رغبتهم في الرد على السؤال. وردا على سؤال عما إذا كانوا يخشون أن تعرض ألمانيا نفسها لخطر أمني من خلال دعم أوكرانيا، أجاب (58%) من المستطلع آراؤهم بـ نعم (إلى حد ما)، مقابل (28%) أجابوا بـ لا (إلى حد ما)، فيما لم يجد (14%) ردا على السؤال.

هل انقسمت الأحزاب الألمانية بخصوص التسليح؟

تعرضت الحكومة الألمانية لانتقادات من المعارضة بسبب عدم قيامها بفعل الكثير لتعزيز القدرات الإنتاجية في مجال التسلح والدفاع. وقالت الكتلة البرلمانية لحزبي الاتحاد الاجتماعي المسيحي والديمقراطي المسيحي في الخامس من أبريل 2024 إنه في الوقت “الذي تحولت فيه روسيا إلى اقتصاد الحرب، فإن الحكومة الألمانية لم تتخذ بعد خطوات كافية لتعزيز صناعة الدفاع رغم اشتداد الحاجة إليها”.

انقسمت الأحزاب الألمانية بخصوص التسليح، بل كان منها أحزاب كالحزب الاشتراكي الديمقراطي (حزب المستشار أولاف شولتز) يطالب بتوجيه الأموال إلى قطاعات أخرى. لكن حرب اوكرانيا غيّر الخطة، وأعلن “أولاف شولتس” غداة اندلاع الحرب إنشاء صندوق خاص لتحديث تسليح الجيش بقيمة 100 مليار يورو وبالرغم من ذلك ترى وزارة الدفاع الألمانية إن الرقم غير كاف بسبب التحديات الكبيرة التي تواجه الجيش.

لماذا زادت الضغوط على المستشار أولاف شولتس لتعزيز مجال التسلح؟

طلبت ألمانيا أسلحة ومعدات بقيمة (23 ) مليار يورو (24.7 مليار دولار) من الولايات المتحدة الأمريكية، وتم الكشف عن ما مجموعه حوالي (380) عقدا مع شركات أمريكية. يقول “بوريس بيستوريوس” وزير الدفاع الألماني “نتحدث عن حاجة إضافية بقيمة تتراوح بين (5.6 و 7) مليار يورو للعام 2024″. وابتداء من عام 2028، ستكون هناك حاجة ضخمة لإدخال زيادة ملحوظة بقيمة تتألف من رقمين من مليارات اليورو”. يذكر أنه في عام 2028، سيكون قد تم صرف موارد الصندوق الخاص الذي تم إنشاؤه للجيش بقيمة (100) مليار يورو.

دفعت تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” العديد من السياسيين الألمان إلى زيادة الضغوط على المستشار أولاف شولتس لتعزيز في مجال التسلح والدفاع. تقول مفوضة الجيش الألماني للشؤون البرلمانية، إيفا هوجل، إن القوات المسلحة الألمانية “تحتاج إلى 300 مليار يورو لتلبية احتياجاتها، لأسباب ليس أقلها استنفاد مواردها من أجل المساعدة في تسليح أوكرانيا.” ويقول وقال رافائيل لوس، المتخصص في الشؤون الدفاعية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، “إن الأمر ليس سوى أن تصريحات ترامب الصارخة ذكّرت الناس بالمخاطر التي ينطوي عليها الأمر”. أمن قومي ـ الجيش الألماني وتحديات التحديث والتسلح

متى يتم سد ثغرات تسليح الجيش؟

يعاني الجيش الألماني من مشكلة كبيرة في نقص التجهيزات، وهذه الثغرات لن يتم سدها بالكامل قبل 2030. زادت من ثغرات تسليح الجيش الألماني بحكم أن عددا من الأسلحة المصدرة إلى أوكرانيا جاءت من مخازن الجيش، لكن مشكلة تقادم العتاد ليست جديدة في ألمانيا، ففي عام 2018، نشرت وسائل إعلام محلية وثائق سرية تؤكد أن كثيرا من الآليات العسكرية لا تعمل. وأظهراستطلاع رأي في 20 فبراير 2024 إن فقط (35%) من الألمان المستجوبين لديهم إما ثقة عالية أو عالية جدا في الجيش، وإن (85%) لا ثقة لهم في تسليح الجيش. أمن ألمانيا ـ استراتيجية تعزيز التسلح وسد الثغرات

ما هي أسباب الحصول على أسلحة نووية خاصة؟

تسعى ألمانيا في الحصول على أسلحة نووية خاصة بها، وإنشاء استراتيجية احتياطية للردع النووي بالتعاون مع فرنسا والمملكة المتحدة في حال عدم استعداد الولايات المتحدة للعب هذا الدور.على الرغم من تأكيدها في قرارها التخلي عن الطاقة النووية بشكل كامل. هناك صعوبة في قيام ألمانيا بإنتاج الأسلحة النووية، حيث يقدّر الخبراء أن يستغرق تطوير برلين درعاً نووياً 15 عاماً من العمل على الأقل، وأن يكلف الدولة مليارات الدولارات، ومن ثم فإنها قد تسعى لشراء هذه الأسلحة، إذا اضطرت لذلك.

يرجع السبب لأن المسؤولين الألمان لديهم مخاوف من استمرار التصعيد في حرب أوكرانيا، وتهديد موسكو الوشيك لألمانيا، كذلك تهديد الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”بتوقف واشنطن عن كونها رادعاً نووياً يمكن الاعتماد عليه، وأنه قد يشجّع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الناتو، التي لا تفي بالتزاماتها المالية.

يقول عالم السياسة “بيتر رودولف” من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في 17 فبراير 2024 “إن أي جدل حول حصول ألمانيا على أسلحة نووية خاصة بها هو أمر غير واقعي على الإطلاق. وتابع “إنه يجب تخزين القنابل النووية حتى لا نكون أهدافا سهلة. وأشار إلى أن “هناك الكثير من المشاكل التي تقف في طريق الأسلحة النووية الألمانية”. أمن قومي ـ الجيش الألماني نقطة إرتكاز الناتو في أوروبا

**

2- أمن ألمانيا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

تشهد فرنسا، كغيرها من الدول الكبرى، تصاعدًا ملحوظًا في التسلح والإنفاق العسكري خلال السنوات الأخيرة، يرجع هذا التصاعد إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، بعضها داخلي وبعضها خارجي، تتطلب تحليلًا دقيقًا لفهم دوافعه وأسبابه. وتُعدّ صناعة الدفاع الفرنسية من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، حيث توفر آلاف الوظائف وتُساهم في الناتج المحلي الإجمالي. تسعى الحكومة الفرنسية إلى دعم هذه الصناعة من خلال زيادة الطلبات على المعدات العسكرية، مما يُحفز الإنفاق على التسلح، وقد ألقت الحرب ظلالها على أوروبا، مما أدى إلى شعور فرنسا بضرورة تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة أي تهديدات محتملة، خاصة من جانب روسيا.

ما أسباب زيادة التسلح في فرنسا؟

تشهد الساحة الدولية توترات جيوسياسية متزايدة، خاصةً بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، تُلقي هذه التوترات بظلالها على فرنسا، التي تُعدّ عضوًا فاعلًا في حلف الناتو، مما يدفعها إلى تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة أي تهديدات محتملة. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم مخاوف فرنسا الأمنية، خاصةً مع احتمال امتداد الصراع إلى الدول المجاورة. دفع ذلك فرنسا إلى زيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير لتحديث جيشها وتعزيز قدراته على الردع. كذلك تُواكب فرنسا عن كثب التطورات التكنولوجية في مجال التسليح، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة ذاتية التشغيل. تتطلب هذه التطورات استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، مما يُساهم في زيادة الإنفاق الدفاعي.

تسعى فرنسا إلى الحفاظ على مكانتها كقوة عسكرية عالمية رائدة، خاصةً بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. يتطلب ذلك تحديث معداتها العسكرية والاستثمار في أبحاث وتطوير تكنولوجيات عسكرية جديدة، مما يُترجم إلى زيادة الإنفاق الدفاعي. تواجه فرنسا العديد من التحديات الأمنية الداخلية والخارجية، بما في ذلك التهديدات الإرهابية، والنزاعات الإقليمية، وجرائم الإنترنت، والهجرة غير الشرعية. تُشكل هذه التحديات ضغوطًا على الحكومة الفرنسية لتعزيز قدراتها الدفاعية، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على التسلح. في الوقت ذاته يُشكل تصاعد التسلح والإنفاق العسكري عبئًا ماليًا كبيرًا على الحكومة الفرنسية، حيث يُمكن أن يُؤثّر على تمويل مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعي.أمن دولي ـ استراتيجية فرنسا الجديدة في المحيط الهندي والهادئ

ما هو موقف الأحزاب والقوى السياسية؟

تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية في يونيو 2023 مشروع قانون البرمجة العسكرية (2024-2030)، الذي شهد زيادة غير مسبوقة في الميزانية، لتبلغ 413 مليار يورو على مدى 7 أعوام. الهدف المعلن هو “تطوير وإصلاح المنظومة الدفاعية التي تعاني ضررا”. وبحسب الميزانية العسكرية الجديدة، من المفترض أن يبلغ الإنفاق العسكري السنوي 69 مليار يورو بحلول 2030 مقابل 32 مليار يورو فقط في 2017. كذلك دفع الرئيس إيمانويل ماكرون في يوليو 2023باتجاه زيادة الميزانية، والتي ستنفق 413 مليار يورو (450 مليار دولار)، وهي أكبر زيادة في الإنفاق منذ نصف قرن. ستستخدم الأموال في تحديث الترسانة النووية الفرنسية، وزيادة الإنفاق الاستخباراتي، وتطوير المزيد من الأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد.

وحصل مشروع القانون على الموافقة النهائية من الجمعية الوطنية المنقسمة، مجلس النواب،  بأغلبية 244 صوتا مقابل 37، كما وافق عليه مجلس الشيوخ الذي يقوده المحافظون بأغلبية 313 صوتا مقابل 17. وتتضمن الخطة العسكرية الجديدة مضاعفة عدد قوات الاحتياط العسكرية وتعزيز الدفاع السيبراني، فضلا عن زيادة القدرة على إنتاج الأسلحة لمساعدة أوكرانيا والحفاظ على إمدادات كافية للجيش الفرنسي.وتتعلق التطلعات على الانتخابات البرلمانية التي تجري في البلاد خلال شهر يوليو 2024، من أجل رسم ملامح السياسات العامة والخارجية للدولة، وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب التجمع الوطني بفارق مريح بنسبة 33-36 بالمئة من الأصوات، بينما يأتي تحالف الجبهة الشعبية الجديدة المنتمي لليسار، الذي تم تشكيله على عجل، في المركز الثاني بنسبة 28-31 بالمئة. ويحل تحالف ماكرون المنتمي لتيار الوسط ثالثا بنسبة 20-23 بالمئة.أمن دولي ـ التنافس بين فرنسا وروسيا، ديناميكية دفاعية أمنية قوية

كيف تقيم أوروبا تهديدات روسيا بتوسيع هجماتها؟

تشعر العديد من دول أوروبا بالقلق من احتمال توسيع روسيا لعملياتها داخل أوروبا، خاصة بعد حرب أوكرانيا في عام 2022. وتخشى دول أوروبا من أن تشن روسيا هجمات عسكرية على دول أخرى في أوروبا الشرقية، خاصة الدول المجاورة لروسيا أو الأعضاء في حلف الناتو. وتستند هذه المخاوف إلى سلوك روسيا السابق، مثل ضم شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. أيضا تخشى دول أوروبا من أن تتدخل روسيا في شؤونها الداخلية من خلال حملات التضليل الإعلامي والهجمات الإلكترونية والتدخل في الانتخابات. وقد أظهرت روسيا بالفعل استعدادها لاستخدام هذه الأساليب في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتعتمد العديد من دول أوروبا على روسيا في الحصول على إمدادات الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي.

تخشى هذه الدول من أن تستخدم روسيا إمدادات الطاقة كسلاح للضغط عليها أو معاقبتها. وقد أدت الحرب في أوكرانيا بالفعل إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، مما تسبب في صعوبات اقتصادية. تخشى دول أوروبا من أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى موجة جديدة من اللاجئين الذين يفرون من القتال. وقد استقبلت العديد من دول أوروبا الشرقية بالفعل ملايين اللاجئين من أوكرانيا، مما يمثل عبئًا كبيرًا على بنيتها التحتية ومواردها.أمن أوروبا ـ الأجندة الاستراتيجية، الأمن والدفاع

كيف ترد دول أوروبا على هذه المخاوف؟

تعمل دول أوروبا على تعزيز الردع العسكري: زادت دول الناتو من وجودها العسكري في أوروبا الشرقية، وأجرت مناورات عسكرية مشتركة، وعززت قدراتها الدفاعية. فرض عقوبات على روسيا: فرضت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا في محاولة للضغط عليها لسحب قواتها من أوكرانيا وإنهاء عدوانها. دعم أوكرانيا: تقدم دول أوروبا مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية لأوكرانيا لمساعدتها على مقاومة روسيا. تعزيز التعاون في مجال الطاقة: تعمل دول أوروبا على تقليل اعتمادها على إمدادات الطاقة من روسيا من خلال البحث عن مصادر طاقة بديلة وتحسين كفاءة الطاقة. دعم اللاجئين: تقدم دول أوروبا المساعدة للاجئين من أوكرانيا من خلال توفير المأوى والغذاء والرعاية الطبية.

أعلن وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو في فبراير 2024 أن فرنسا ستحقق هدف حلف شمال الأطلسي بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2024، وهو ما يحقق الهدف قبل الموعد المتوقع في السابق. وتعمل باريس على زيادة الإنفاق بشكل كبير. وأضاف أن فرنسا أنفقت في عام 2017 30 مليار يورو على جيشها لكنها “ستصل في نهاية المطاف إلى 69 مليار يورو، وهو ما يسمح لي بتأكيد أن فرنسا ستحقق هدف الـ 2 في المائة الذي حدده حلف شمال الأطلسي هذا العام”. اجتماع الوزراء في بروكسل. ويرى خبير الأمن الفرنسي جوسلين دروف أن الإعلان عن خطة الدفاع الصاروخي 2024-2030 (بميزانية 413 مليار يورو) في يناير 2023، كانت بمثابة عودة إلى التزام مماثل لالتزام “الجوليين في الستينيات”، وفقًا لسيباستيان ليكورنو .

سيتم تعزيز الردع النووي، بصواريخ جديدة وجيل ثالث من الغواصات النووية المزودة بصواريخ باليستية. ويهدف هذا البرنامج إلى تحويل القوات المسلحة لتكييفها مع ظهور تهديدات جديدة: “ستلتزم فرنسا بشكل أكبر بمجالات مثل الفضاء الإلكتروني، والفضاء، والاستخبارات، والدفاع الجوي الأرضي من الجيل الجديد والطائرات بدون طيار. وتمثل هذه المجالات وحدها عشرات المليارات من اليورو بين عامي 2024 و2030 .وفي الوقت نفسه، تعتزم السلطة التنفيذية تعزيز الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا من أجل حمل المزيد من الوزن داخل حلف شمال الأطلسي، مع تحقيق وفورات الحجم.

صعود اليمين المتطرف هل يهدد الناتو؟

حصل حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف على المركز الأول مع تقديرات تصل إلى ٣٤٪؜ من أصوات الناخبين مع احتمال حصوله على ما بين ٢٣٠ إلى ٢٨٠ مقعد في البرلمان (الأغلبية المطلقة ٢٨٩ مقعد) في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 1 يوليو 2024، ما يثير قلق حول التحالفات الفرنسية، وتوترات مع حلف الناتو. في المقابل أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، 28 يونيو 2024، أن الحلف بتاريخه المضطرب الممتد 75 عاماً، قادر على مواجهة أي احتمال بما في ذلك الانتخابات في فرنسا أو الولايات المتحدة. ويثير  تشكيل حكومة من اليمين المتطرف في فرنسا بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي تجري دورتها الأولى، في يوليو 2024، يثير القلق في أوساط بعض قادة الناتو والاتحاد الأوروبي. لكن وفقاً لينس ستولتنبرغ، فإن التقلبات السياسية التي شهدها الحلف منذ تأسيسه عام 1949 جعلته أكثر متانة.

**

3- أمن هولندا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

دفعت حرب أوكرانيا الدول في مختلف أنحاء أوروبا إلى إعادة النظر في جيوشها التي أهملتها لفترة طويلة، حيث أعلنت دولة بعد أخرى رسمياً عن نيتها زيادة تمويل الدفاع وتعزيز القدرات القتالية.  ومن ضمنها هولندا والتي تعهدت بزيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار خمس مليارات يورو في السنوات القادمة. وتسعى هولندا إلى تحسين جاهزيتها العسكرية والمساهمة بشكل أكبر في حلف شمال الأطلسي في أعقاب المخاوف بشأن عودة الحرب عالية الكثافة في أوروبا ومستقبل التعاون الأمني ​​عبر الأطلسي.

الدفاع الهولندي.. من سياسة تقليص الإنفاق العسكري إلى السباق نحو التسلح

تبنت هولندا منذ 2011 سياسة تقليص الإنفاق الدفاعي لتحقيق كفاءات مالية أوسع، لتنطلق بعدها عملية بيع سريعة شملت معظم أساطيلها من الدبابات والطائرات والأسطول البحري. كما تم شطب نحو (6000) جندي هولندي و (6000) موظف مدني من قوائم الرواتب. وما تبقى في أعقاب هذا التخفيض الشامل هو جيش أصغر بكثير وأقل قدرة بكثير. وبقيت القوات المسلحة الهولندية على هذه الحالة طيلة السنوات التالية. فيما ظلت المخصصات السنوية لميزانية الدفاع لهولندا  دون الحد الأدنى المطلوب من الحلف وهو (2%) من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، عند  (1.1%) أو أقل بين عامي 2014 و2017، كما فشلت ميزانية الدفاع الهولندية عند دخول عام 2022 في تجاوز (1.4%) من الناتج المحلي الإجمالي.

أدى  إندلاع حرب أوكرانيا  في الرابع والعشرين من فبراير 2022، لإحداث تحول كبير في الحسابات الاستراتيجية للحكومة الهولندية. وبعد فترة وجيزة، اختارت هولندا، إلى جانب العديد من الدول الأوروبية الأخرى، إعادة النظر في نهجها تجاه الدفاع والأمن. حيث كشفت عن كتاب دفاعي محدث في الأول من يونيو 2022  لتعزيز القوة القتالية وزيادة التعاون الدولي بشأن الجوانب العسكرية، بشراء (6) طائرات ” إف -35″ و(4) طائرات طراز”إم كيو-9 ريبر”، وصواريخ بعيدة المدى للفرقاطات والغواصات، ودعم الاستثمار في الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل”IAMD” وتستهدف هولندا أن تجعل الوحدات العسكرية بالجيش أكثر سرعة ومرونة بدمج فيلق قوات الكوماندوز واللواء (11) المحمول جواً، وتوسيع مهام الشرطة العسكرية للتحقيق في جرائم الحرب المزعومة. ورفعت إنفاقها العسكري بنحو (5) مليارات يورو سنوياً، لزيادة عدد الطائرات المسيرة “إم كيو-9 ريبر” من (4) إلى (8) طائرات ومن المتوقع زيادة الإنفاق (2%) بين عامي 2024 و2025، بإضافة (14.8) مليار يورو لميزانية الجيش من 2022 إلى 2025، وبداية من 2026 ستزيد الميزانية بمقدار (5) مليارات يورو، وسيرتفع الاستثمار في الجانب العسكري بحوالي (40%) من الميزانية الحالية.

وأعلنت وزارة الدفاع الهولندية  في 19 أكتوبر 2022  إن الحكومة ستستثمر ما يصل إلى (3.44) مليار دولار في المشتريات العسكرية. وبعد سنوات من تراجع الإنفاق، يعتزم الجيش الهولندي شراء نظام مدفعية صاروخية وعشرة مدافع هاوتزر في الفترة ما بين عامي 2023 و2026 بقيمة تصل إلى مليار يورو. بالإضافة إلى نظام دفاع جوي متحرك بقيمة تصل إلى (2.5) مليار يورو.

أعلنت هولندا في ديسمبر 2022 عن شراء صواريخ” NSM” لتجهيز سفنها الحربية، لتصبح الدولة رقم (11) التي تمتلك هذه الصواريخ، ومن المقرر أن تستلم (4) فرقاطات بحلول 2025. وحرصت على شراء مقاتلات “إف 16” الأمريكية، ووقعت اتفاقية بشأن شراء أنظمة صواريخ بلوس المدفعية بقيمة (305) ملايين دولار من شركة “أنظمة إلبيت” الإسرائيلية في مايو 2023، ومن المتوقع أن ينفذ العقد على مدار (5) سنوات. كما عقدت في فبراير 2024 صفقة شراء (120) صاروخ كروز جوي يبلغ مداه (1000) كيلومتر بقيمة (908) مليار دولار من الولايات المتحدة.

كذلك، وقعت  الحكومة الهولندية مع  مجموعة “نافال” الفرنسية البحرية في مارس 2024 على عقد لبناء أربع غواصات لتحل محل غواصات Walrus الحالية التابعة للبحرية الملكية الهولندية ، وستتميز الغواصات الجديدة بقدرة إطلاق صواريخ كروز ، بالإضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة اتصالات محسنة لجمع وتحليل وتبادل المعلومات الاستخباراتية. على أن يتم تسليم الغواصتين الأوليين بعد عشر سنوات من توقيع العقد.

حققت هولندا إنجازًا تاريخيًا ، في الأول من يونيو 2024 ،  حيث أصبحت أول دولة تخصص رسميًا مقاتلاتها الشبحية من طراز “F-35A” لدور الضربة النووية، بعد حصولها على شهادة حمل القنبلة النووية الحرارية ” B61-12″.

فيما أعلنت الحكومة الهولندية  في 11 يونيو 2024 عن خطة لاستثمار (400) مليون يورو لتعزيز الإنتاج المحلي لمركبات المشاة القتالية ، وتنص الخطة على إنتاج ما مجموعه (180) مركبة مشاة قتالية من طراز ” CV90″ داخل هولندا ، بالإضافة إلى ذلك، خصصت أمستردام مبلغ (25) مليون يورو للاستثمار في الشركات الناشئة العاملة في مجال الدفاع و (54) مليون يورو لإنتاج طائرات مسيرة محليًا، وستضمها القوات المسلحة الهولندية الى اسطولها.

تماشياً مع الاستراتيجية الدفاعية الجديدة التي تبنتها وزارة الدفاع الهولندية، ارتفع الإنفاق العسكري في هولندا إلى (16624.80) مليون دولار أمريكي في عام 2023 . فيما تشير التوقعات أن ميزانية الدفاع لعام 2024 ستزيد بنحو (43%) على أساس سنوي لتصل (23) مليار دولار ، أو (1.95%) من الناتج المحلي الإجمالي . ومن المتوقع أن تزيد ميزانية الدفاع الإجمالية للبلاد إلى (31.2) مليار دولار في عام 2029، مما يعكس معدل نمو سنوي مركب بنسبة (4.1%). ملف أمن قومي ـ هولندا: القدرات العسكرية والاقتصادية والسياسية

دوافع هولندا لزيادة التسلح والانفاق العسكري

دفعت لتهديدات الأمنية المتزايدة التي أفرزتها حرب أوكرانيا وعدم اليقين المحيط بالتعاون الأمني ​​عبر الأطلسي إلى  تكثف هولندا جهودها لتعزيز القدرات العسكرية والوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي. وفيما يلى أبرز الأسباب التي ساهمت بالتحول الدفاعي في هولندا.

1-العقائد العسكرية والاستراتيجيات الدفاعية الهولندية

إلى جانب العديد من الدول الأوروبية الأخرى أعادت هولندا النظر في نهجها تجاه الدفاع والأمن، حيث كشفت عن كتاب دفاعي محدث في الأول من يونيو/حزيران 2022. وتهدف الاستراتيجية  الدفاعية الجديدة  إلى اعتماد العقيدة العسكرية الهولندية على الجاهزية العالية والقدرة على الانتشار لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية المتنوعة. كما تعد المرونة والقوة النارية من العناصر الأساسية للعقيدة العسكرية للبلاد، وسوف يكون هذا محور التركيز في السنوات القادمة.

وتؤكد هولندا في وثيقتها الاستراتيجية تجديد المخزونات ومعالجة تراكمات الصيانة يشكلان عنصراً أساسياً في تعزيز القدرات العسكرية

. ويكتسب هذا أهمية خاصة في أعقاب الصراع في أوكرانيا، حيث تبرعت البلاد بمعدات بما في ذلك منصات إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات، وأسلحة بانزر فاوست، وطائرات بدون طيار، وناقلات جنود مدرعة. ومن شأن هذه التبرعات أن تجعل القوات المسلحة في حاجة إلى تجديد المخزونات، وسوف تدفع الاستراتيجية في السنوات المقبلة.

2 –  تلبية معيار حلف شمال الأطلسي بالوصول إلى إنفاق (2%) من إجمالي الناتج المحلي

تستثمر هولندا في الدفاع لتلبية معيار حلف شمال الأطلسي المتمثل في إنفاق (2%)  من الناتج المحلي الإجمالي على القوات المسلحة. وكانت هولندا قد فشلت في تحقيق هذا الهدف حتى الآن. وكانت قد التزمت هولندا في قمة حلف شمال الأطلسي في لنيوس في يوليو 2023 إلى جانب جميع الحلفاء بتعهد الاستثمار الدفاعي.ويرجع هذا إلى تدهور الوضع الأمني ​​في أوروبا. والاستثمار ضروري لبناء القدرات لمواصلة المساهمة في تعزيز الردع والدفاع لدى الحلفاء. وبطبيعة الحال، أيضًا، قدرة هولندا نفسها على الصمود.

وبفضل الاستثمارات الإضافية، سيبلغ الإنفاق الدفاعي الهولندي (2.15%) في 2024، و(2.05%) في عام 2025، و(2.22% )في عام 2026. وبعد ذلك، يقع على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية ضمان التزامها بمعايير حلف شمال الأطلسي.

3- دعم أوكرانيا عسكرياً

كشفت مصادر مقربة من الحكومة الهولندية أن الحكومة تدفع مليارات الدولارات لزيادة إنفاقها الدفاعي لتلبية معايير حلف شمال الأطلسي وتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا . وبحسب مصادر في  ابريل 2024، ستحصل أوكرانيا هذا العام على (400) مليون يورو إضافية في صورة دعم عسكري من هولندا. وهذا بالإضافة إلى (2) مليار يورو من الدعم الذي خصصته الحكومة بالفعل لأوكرانيا في عام 2024. وتم الإشارة إلى المبلغ الإضافي في مذكرة الربيع – التحديث الربيعي للميزانية الوطنية. كما خصصت الحكومة (1.5) مليار يورو لدعم أوكرانيا العام المقبل. وهذه الأموال ستخصص للدعم العسكري، وتقصي الحقائق عن جرائم الحرب، وإعادة بناء البلاد.. ويتزامن هذا القرار مع  اتفاقية أمنية أوسع نطاقا مدتها عشر سنوات  تم توقيعها بين البلدين، مع التركيز على الدعم العسكري طويل الأمد، وتعزيز صناعة الدفاع، وتعزيز المرونة السيبرانية.  فيما  صرحت وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولونغرين في  2 يوليو 2024 أن لاهاي أصدرت إذن لتوريد (24)  طائرة مقاتلة من طراز “إف-16” لأوكرانيا

ويبلغ إجمالي ما تعهدت به هولندا من مساعدات عسكرية لأوكرانيا حتى الآن (2.7) مليار دولار، وهو رابع أكبر مبلغ من أي دولة أوروبية. ولا تتفوق هولندا في هذا المبلغ في أوروبا إلا على ثلاث دول يفوقها عدد سكانها عدة مرات: ألمانيا والمملكة المتحدة وبولندا.

4- رغبة رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته في رئاسة “الناتو”

ومن بين الأسباب العديدة وراء زيادة الإنفاق الهولندي رغبة رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته في أن يصبح الأمين العام القادم لحلف شمال الأطلسي.  فقد قاد روته بلاده خلال فترة لم يتجاوز فيها الإنفاق الدفاعي (1%) من الناتج المحلي الإجمالي. وبعد سنوات من الموافقة على ميزانيات دفاعية صغيرة، يريد روته الآن قيادة الحلف في وقت يشكك فيه البعض في التزام أوروبا الغربية. كان طموح روته في أن يصبح أميناً عاماً يتطلب منه تعزيز موقف بلاده إلى الحد الأدنى البالغ (2%) على الأقل، لكن هولندا لم تحقق هذا الهدف حتى تحت قيادته.

وكان قد صرح مارك روته  والذي تم تعينه أمينا عاما جديدا لحلف الناتو خلفا لينس ستولتنبرغ في 26 يونيو 2024. في حديث صحفي قبيل انتخابه أن على أوروبا في أي حال أن تنفق المزيد على الدفاع، وتكثف إنتاج الذخيرة، ليس فقط لأن ترامب قد يعود إنما لأن أوروبا بحاجة إلى زيادة دعمها لأوكرانيا، فذلك يصب في مصلحتها. أمن قومي ـ الجيش الهولندي القدرات والتسلح

النقاش العام في هولندا في اتجاه تعزيز الدفاع

بالنسبة للهولنديين، يبدو أن هذا التغيير في موقف الدولة تجاه الاستثمار في الدفاع قد تجاوز نقطة اللاعودة. وقد كشف استطلاع للرأي  في فبراير 2024 أن حوالي نحو (42%) من الهولنديين يشعرون بالقلق من أن الحرب في أوكرانيا قد يكون لها تأثير مادي على هولندا، ويقول ما يقرب من (50%) إن ميزانية الدفاع الهولندية يجب أن تزداد لتعزيز حلف شمال الأطلسي.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء السابق مارك روته، الذي أمضى ثلاثة عشر عامًا في منصبه مما يجعله أطول رئيس وزراء هولندي خدمة في التاريخ، قد أعلن اعتزاله السياسة الوطنية، ليتولى منصب الأمين العام للناتو،  فإن الأحزاب عبر الطيف السياسي ملتزمة الآن بالوفاء بتعهد الاستثمار الدفاعي لحلف شمال الأطلسي بنسبة (2%)  من الناتج المحلي الإجمالي أو أكثر.  وقد أدرجت جميع الأحزاب تقريبا الالتزام بمعايير حلف شمال الأطلسي كأولوية في برامجها الانتخابية لعام 2023، لذا فمن المرجح أن تستمر هذه الاستثمارات.

حتى فرانس تيمرمانز ، الزعيم الجديد للفصيل الديمقراطي الاجتماعي/الخضر، الذي يتردد تقليديًا عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات العسكرية، اقترح كتابة تعهد الاستثمار الدفاعي لحلف شمال الأطلسي في القانون، مما يجعل (2%) معيارًا إلزاميًا للإنفاق. لذلك من المتوقع أن تستمر الاستثمارات في المعدات (طائرات إف-35، والغواصات الجديدة، والقدرات السيبرانية، وما إلى ذلك) في الارتفاع، وسيتعين زيادة قوة الأفراد بشكل كبير. ومن المرجح أن تستمر القيادة الهولندية في أوروبا وحلف شمال الأطلسي باعتبارها أكبر الدول الصغيرة (أو أصغر الدول الكبيرة؟)، بما في ذلك عندما يتعلق الأمر بدعم أوكرانيا. أمن أوروبا ـ الاتحاد الأوروبي واستراتيجية التسلح الجماعي

**

4- أمن بلجيكا ـ ما الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

أجبرت التغيرات السياسية والصراعات الراهنة دول أوروبا، على اتباع سياسات دفاعية مختلفة عن كافة الاستراتيجيات السابقة وفي مقدمة هذه الدول بلجيكا، رغم كل الضغوط المالية التي تعاني منها، والانقسام بالداخل البلجيكي حول اتجاه رفع الإنفاق العسكري وآلية دعم أوكرانيا على مدار نحو عامين ونصف من الحرب. ولكن ركزت بلجيكا على خطط زيادة التسلح التقليدي وتطوير قواتها المسلحة، لمواكبة باقي دول الاتحاد الأوروبي والالتزام بالتعهدات تجاه حلف الناتو، في ظل الترقب لنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024، وتداعيات الانتخابات الأوروبية التي أجريت في يونيو 2024، والتصعيد الحالي بين روسيا والناتو بشأن التهديدات النووية.

ما حجم الإنفاق العسكري؟

أعادت بلجيكا ترتيب أوراقها بشأن التسلح والإنفاق الدفاعي مع الحرب الأوكرانية، وفي 11 مارس 2022 تعهدت برفع الإنفاق العسكري ما بين (2%- 2.5%) بدلاً من (1.3%) من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وخصصت بلجيكا مليار يورو لزيادة قدراتها الدفاعية لتحسين مستوى الاستعداد والاستجابة الدفاعية خلال الفترة من 2022 وحتى 2024. وأعلن الجيش البلجيكي في 30 يناير 2022 شراء أنظمة مضادة للطائرات من طراز “أر جي دبليو-90″ بقيمة (19) مليون يورو. وحدثت معداتها العسكرية باستبدال مروحية “إن إتش- 90” كونها غير مناسبة لجميع المهام التشغيلية وصيانتها مكلفة، بـ (15) طائرة هليكوبتر خفيفة من (3) أنواع مختلفة، وقدمت (250) مليار يورو لدعم المعدات بحلول نهاية 2024، والتخطيط لشراء ما بين (8-10) طائرات هيلكوبتر لنقل قوات الكوماندوز والقوات الخاصة بمبلغ (600) مليار يورو، بشرط أن يكون التسليح ضمن الاستراتيجية الأوروبية العسكرية الجديدة.

طرح قائد الجيش الملكي البلجيكي الأدميرال ميشيل هوفمان في 30 سبتمبر 2022، مناقشة إعادة الخدمة العسكرية، خوفاً من تمدد النفوذ الروسي وكمحاولة لمواجهة أي تهديدات محتملة للأراضي الأوروبية. وحصلت بلجيكا على الترتيب قبل الأخير في تصنيف الإنفاق العسكري الذي وضعه الناتو لعام 2023، بنسبة (1.13%) من إجمالي الناتج المحلي. وتقدمت بطلب في 24 أغسطس 2023 لشراء (761) صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز “أكيرون- إم بي” من شركة “أم بي دي إيه”، ومن المقرر استلامها ما بين 2026- 2029. وقررت بروكسل رفع الإنفاق العسكري بحلول 2030 بدلاً من 2035 بقيمة (2%) من الناتج المحلي، لتحقيق توقعات الناتو بشأن تقديم مزيداً من الدعم العسكري لأوكرانيا. وعملت على قيادة تطوير القدرات السيبرانية للحلف، عقب اعتراف الناتو بالفضاء السيبراني كجزء من العمل العسكري.أمن دولي ـ الجيش الألماني ركيزة الناتو في أوروبا

ماذا قدمت بلجيكا لأوكرانيا؟

حرصت بلجيكا على دعم أوكرانيا عسكرياً منذ بداية الحرب، وفي 11 أكتوبر 2023 أعلنت وزيرة الدفاع البلجيكية لوديفين ديدوندر، اعتزام بلادها إرسال طائرات مقاتلة من طراز “إف-16” على غرار هولندا والدنمارك والنرويج. وأسست الصندوق البلجيكي لكييف بقيمة (1.7) مليار يورو لعام 2024، لاستكمال الدعم العسكري والتدريب للقوات الأوكرانية. وخططت بلجيكا لدعم أوكرانيا باستثمار (1.7) مليار يورو في 2024 باستخدام عائدات الضرائب على الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، والتي تقدر بأكثر من (200) مليار يورو وأغلبها لدى شركات مالية في بلجيكا.

تعهدت بلجيكا في 29 فبراير 2024، بدعم مبادرة التشيك لشراء ذخيرة وقذائف مدفعية لأوكرانيا من خارج الاتحاد الأوروبي بقيمة (200) مليار يورو، بجانب توريد الذخائر من مخزون وزارة الدفاع، وأعلنت في 15 مارس 2024 عن (3) حزم دعم عسكري جديد بقيمة (412) مليون يورو، لشراء سيارات إسعاف مدرعة من قبل دول البنلوكس (بلجيكا- هولندا- لوكسمبورغ). وفي 29 مارس 2024 وافقت الحكومة البلجيكية على حزمة المساعدات الـ (25) لأوكرانيا، بهدف تخصيص (100) مليون يورو لصيانة الطائرات (إف-16) البلجيكية المتجهة لكييف. وحصلت بلجيكا على صفة المراقب السنوي للتنسيق بين المانحين لأوكرانيا منذ أبريل 2024.

تعد بروكسل ضمن (6) تحالفات لدعم القدرات العسكرية لكييف وتدريب قواتها، وباعتبارها عضواً في تحالف “إف-16″، تساعد على تدريب الطيارين والفنيين على صيانة الطائرات. وكونها عضواً في التحالف البحري، تتبرع بسفينة لمكافحة الألغام بأوكرانيا. وفي 12 مايو2024 خصصت (92) مليون يورو مساعدات إضافية لأوكرانيا يتم تمويلها بموجب عائدات ضريبية على أصول روسية مجمدة، وحددت نصفهم في شكل عربات مصفحة وأسلحة وذخيرة.

بإبرام اتفاقية أمنية ثنائية مع أوكرانيا، تصبح بلجيكا الدولة الـ (11) التي توقع هذه الاتفاقية معها، وخلال زيارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في 28 مايو 2024، أعلنت بروكسل التزامها بتزويد كييف بـ (30) طائرة من طراز “إف-16” بحلول 2028، ومن المتوقع تسليم جزء من الصفقة بحلول 2025، وتقديم (977) مليون يورو كمساعدات عسكرية، في إطار مبادرة أوسع من الحلفاء الأوروبيين لتلبية احتياجات الدفاع الجوي والأمن البحري الأوكراني.أمن دولي ـ تعزيز سياسات الاتحاد الأوروبي الدفاعية مع أوكرانيا  

ما موقف الأحزاب من التسلح؟

مسألة رفع الإنفاق العسكري وتسليح أوكرانيا أثارت جدل في الداخل البلجيكي، وفي 19 مايو 2022 دعم الحزب الليبرالي الفرانكفوني “MR” اقتراح رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو، بإلزام بلجيكا بزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة (2%) من الناتج المحلي، ولم يرحب الحزب الاشتراكي “PS” بالخطوة، معتبراً عدم وجود ضرورة ملحة لاتخاذ قرار قبل 2030، وأبدى حزب “الخضر أيكولو” اعتراضه على الاقتراح. لذا وقعت الحكومة البلجيكية في مأزق لإقناع الأحزاب الـ (7) في الائتلاف بخطوات زيادة التسلح التقليدي.

قررت لجنة الدفاع البرلمانية في 3 مايو 2024، عدم التصويت على قرار بحث الحكومة على تسليح قواتها بالطائرات بدون طيار، رغم إبداء الجيش رأيه في أكتوبر 2022، بعدم وجود أي اعتراضات قانونية أو أخلاقية بشأن التسلح بالطائرات بدون طيار. وطالب الليبراليون في البرلمان البلجيكي بإعداد دراسة حول الأمر، وعدلوا الطلب مؤخراً لحث الحكومة على اتخاذ القرار سريعاً. ودعم بعض النواب من الحزب الوسطي الفرانكفوني استخدام هذا النوع من الأسلحة، مؤكدين على ثقتهم في الطريقة التي ستستخدمها بها القوات البلجيكية، وفي المقابل تسبب المقترح في غضب أعضاء الأغلبية ما جعل فكرة الموافقة عليه مؤجلة. كشفت استطلاعات الرأي اتجاه المشاعر العامة في بلجيكا، إلى رفض تطبيق زيادة طفيفة في الإنفاق الدفاعي، نظراً لأن بلجيكا مثقلة بالديون وتعاني من ضغوط مالية.

هل تتخوف بلجيكا من تهديدات روسيا؟

رغم عدم شعور الرأي العام بخطورة التهديدات الروسية، إلا أن على المستويين السياسي والنخبوي، تتعالى المخاوف من اجتياح روسيا باقي دول أوروبا، ما انعكس على سياسات الدفاع والإنفاق العسكري. وفي 6 نوفمبر 2023 حث رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو المفوضية الأوروبية ودول مجموعة السبع، للتوصل إلى حل هيكلي للأصول الروسية المجمدة بالتكتل الأوروبي. وسلطت بروكسل الضوء على المخاوف من التهديد الروسي المحتمل لمولدوفا ودول البلطيق، وأوضح رئيس أركان الدفاع البلجيكي الأدميرال ميشيل هوفمان في 20 ديسمبر 2023، أن التحول في لغة روسيا يثير القلق حول فتح جبهة حرب ثانية في المستقبل، مشدداً على ضرورة إظهار أوروبا قوتها الدفاعية. وتحسباً لأي محاولات روسية تهدد استقرار أوروبا، أقدمت بلجيكا في 4 مارس 2024، على طرد العشرات من الدبلوماسيين الروس، خاصة وأن مباني سفارات روسيا في بلجيكا تمتلك كماً هائلاً من معدات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية المستخدمة لنقل المعلومات الحساسة.

المخاوف دفعت رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو للإعلان في 31 مايو 2024 خلال حديثه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن بلاده لن تسمح لكييف باستخدام أسلحتها خارج أراضي أوكرانيا، واعتبر المحلل السياسي البلجيكي رومان كريس، أن السماح للقوات الأوكرانية باستخدام أسلحة بلجيكية ضد أهداف بروسيا، سيكون له عواقب كارثية.ملف أمن دولي ـ هل تأخذ دول الناتو تهديدات روسيا بالنووي مأخذ الجد؟

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس عن “نقطة تحول” في مجال التسلح والانفاق الدفاعي، وبناء على طلب الحكومة الفيدرالية، قرر البوندستاغ الألماني إنشاء صندوق خاص للجيش الألماني بقيمة (100) مليار يورو، بالتزامن مع التغيير الكبير في وضع السياسة الأمنية نتيجة حرب أوكرانيا.

– يمكن القول أن بمقارنة العام 2023، زادت ميزانية الدفاع لعام 2024 بمقدار (1.83) مليار يورو. ومن خلال (51.95) مليار يورو من ميزانية الدفاع وحوالي (19.8) مليار يورو من الأموال الخاصة للجيش الألماني، بات متوقعا القيام باستثمارات مهمة أخرى في أفضل مجال لتسلح.

– تشهد قضية التسليح في ألمانيا تحولا كبيرا وانقساما بين الأحزاب الألمانية، أبرزها الانتقادات المتزايدة بسبب عدم اتخاذ السلطات الألمانية الخطوات الكافية لتعزيز صناعة الدفاع رغم اشتداد حاجة ألمانيا إليها، وتوجيه الأموال إلى تمويل قطاعات أخرى

– أصبح ملف التسلح والانفاق الدفاعي مرة أخرى موضع اهتمام عام أكبر، لأنه يتعلق الأمر بالدفاع عن الجبهة الشرقية والاستعداد لحالات الطوارئ، لأنه إذا حدث هجوم عسكري على أراضي الناتو، فإن ألمانيا ستكون مركزاً لتحركات القوات ونقل المواد إلى الجبهة.

– تسعى ألمانيا في الحصول على أسلحة نووية خاصة بها، يرجع لتهددين محتملين أولهما تهديد موسكو الوشيك لألمانيا، كذلك تهديد واشنطن بالتوقف عن كونها رادعاً نووياً يمكن الاعتماد عليه.

**

– من المتوقع أن يستمر تصاعد التسلح والإنفاق العسكري في فرنسا خلال السنوات القادمة، مدفوعًا بالعوامل الداخلية والخارجية خاصة التهديدات الروسية. ومع ذلك، هناك بعض الأصوات التي تُطالب بإعادة النظر في هذه السياسة والتركيز على حلول دبلوماسية للتهديدات الأمنية، مع الاستثمار في مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية.

– تُشكل تهديدات روسيا بتوسيع عملياتها داخل أوروبا مصدر قلق كبير لدول أوروبا. وتقوم دول أوروبا باتخاذ خطوات للتصدي لهذه التهديدات، بما في ذلك تعزيز الردع العسكري وفرض عقوبات على روسيا ودعم أوكرانيا وتعزيز التعاون في مجال الطاقة ودعم اللاجئين.

– تُعدّ فرنسا عضوًا مؤسسًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد تعهدت الدول الأعضاء في الحلف بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024. تسعى فرنسا جاهدة للوفاء بهذا التعهد، مما يساهم في زيادة الإنفاق العسكري.

– تُواجه القوات المسلحة الفرنسية الحاجة إلى تحديث معداتها وقدراتها، خاصة بعد عقود من التخفيضات في الإنفاق الدفاعي. تتطلب عملية التحديث هذه استثمارات كبيرة في مجالات مثل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والمركبات المدرعة.

– يُلقي ازدياد الإنفاق العسكري بثقله على ميزانية الدولة الفرنسية، مما قد يؤثر على برامج أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم، ويُثير بعض الخبراء قلقهم من أن يؤدي التركيز على الإنفاق العسكري إلى إهمال الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، لكن على الصعيد الإيجابي، يُساهم زيادة الإنفاق العسكري في خلق فرص عمل ودعم الصناعة الدفاعية الوطنية، كما يعزز قدرات فرنسا الدفاعية ويُمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها.

– إنّ تغيير السياسة الدفاعية ورفع الإنفاق العسكري في أوروبا لن يكون بالأمر السهل، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار العقيدة الدفاعية القديمة التي اتبعتها الدول الأوروبية منذ انتهاء الحرب الباردة. لقد تمسّكت الدول الأوروبية بهذه العقيدة لثلاثين عامًا، ممّا يعني أنّ أخطاءها قد تطلب سنوات لإصلاحها.

– يتطلب التغيير تدريب الجيوش على أحدث الأسلحة، وشراء أسلحة نوعية، وتقوية صناعة الأسلحة، ودمج التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات العسكرية. إنّ كل هذه الخطوات تتطلب استثمارات ضخمة، ممّا قد يُشكل عبئًا على ميزانيات الدول الأوروبية.

**

– رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة الهولندية على مدار خمسة عشر عاما  بشأن الإهمال في تسليح الجيش ورفع كفاءة القوات البرية ومدى جاهزيتها للعمليات العسكرية، إلا أن الأمر اختلف على نحو كبير الآن، بعد رفع إنفاقها العسكري إلى (2%) بعد الحرب الأوكرانية، بينما كانت تنفق هولندا أقل من (1%) من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد على استشعارها لعدد من التحديات العسكرية والسياسية في المرحلة الراهنة في ظل استمرار الصراع مع روسيا واحتدام سباق التسلح النووي والتقليدي عالمياً.

– يعود تغير موقف هولندا بشأن العقيدة الدفاعية وزيادة إنفاقها العسكري لعدة عوامل، من بينها الحرب الأوكرانية والتخوف من خروج حدود المعارك خارج أوكرانيا، ورغبتها في تقديم المساعدة العسكرية إلى أوكرانيا. كما إن سعي رئيس الوزراء روته لتولي منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يضيف بعداً مقنعاً إلى استراتيجية الدفاع الهولندي.

– وسط تصاعد المخاوف بشأن الأمن الإقليمي وعودة الحروب عالية الكثافة في أوروبا، من المقرر أن تزيد هولندا إنفاقها الدفاعي أكثر،

– ومن المتوقع أن تزيد ميزانية الدفاع الإجمالية للبلاد من 22.8 مليار دولار في عام 2024 إلى 31.2 مليار دولار في عام 2029، مما يعكس معدل نمو سنوي مركب بنسبة 4.1٪.
تخطط هولندا لتعزيز قدراتها على شن الضربات بعيدة المدى. وسوف يسمح هذا الاستثمار للبلاد بتحقيق أداء يفوق وزنها مقارنة بمعظم حلفائها الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي.

– إن إدخال مقاتلة شبحية من الجيل الخامس قادرة على حمل الأسلحة النووية إلى هولندا يعزز بشكل كبير قدرات حلف شمال الأطلسي ومن المتوقع أن يثير رد فعل قوي من روسيا، والتي قد تستغل هذا التطور لتبرير تطوير ترسانتها النووية.

– وبينما ترسم هولندا مسارها نحو تعزيز قدراتها الدفاعية ، فإن مسار إنفاقها العسكري يؤكد على منعطف في ديناميكيات الأمن الأوروبي. وعلى استعداد هولندا للعب دور حاسم في تشكيل مستقبل التعاون الأمني ​​عبر الأطلسي.

**

– لا تمتلك بلجيكا أي اختيارات أخرى سوى رفع الإنفاق العسكري وإعادة تسليح جيشها، وإعادة النظر في حجم قواتها المسلحة، خاصة وأنها لا تطبق التجنيد الإجباري، ما يتطلب منها إجراءات سياسية وتشريعية ومجتمعية، من أجل طرح إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية للمناقشة، وتأهيل المجتمع البلجيكي لتقبل الفكرة، إضافة إلى توضيح ضرورة زيادة ميزانية التسلح، وجعل الإنفاق الدفاعي من أولويات الحكومة الفترة المقبلة.

– تواجه بلجيكا تحديات جسيمة تتعلق بخطوات التسلح ودعم أوكرانيا عسكرياً، كونها واحدة من الدول الأوروبية التي تعاني من ديون مرتفعة، وبحاجة لخفض الإنفاق في عدة قطاعات، وفي الوقت نفسه هي ملزمة أمام الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لرفع الإنفاق الدفاعي واستمرار تقديم الدعم لكييف، ما يجعلها أمام معضلة لها أبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية، تتطلب حلولاً منطقية تتناسب مع تطورات المرحلة الراهنة.

– تباين المواقف بين الأحزاب حول التوجه نحو رفع التسلح، يعيق تمرير أي قوانين خاصة بإبرام صفقات أسلحة جديدة، أو التعاون مع دول التكتل بشأن خطة التسلح الجديدة. ويعود هذا الاختلاف لاقتناع بعض الساسة بأن الدافع الرئيسي وراء هذه الاستراتيجية غير حقيقي، وهو المتعلق بالترويج للتهديدات الروسية بأنه خطر يهدد أمن بلجيكا وأوروبا معاً، وأن الأمر هو تهويل ومبالغة من قبل بعض دول التكتل تم تصديره عبر عدد من وسائل الإعلام وعلى لسان بعض شخصيات ذو ثقل سياسي.

-تنعكس الخلافات في الوسط السياسي البلجيكي، حول دعم كييف عسكرياً ورفع الإنفاق الدفاعي، على نظرة المجتمع لهذه الخطوات وأهميتها، نظراً لأن الثقة بين الحكومات الأوروبية وشعوبها اهتزت في الفترة الأخيرة، لتعدد الأزمات السياسية والاقتصادية والتي تم توظيفها بشكل واضح من قبل تيارات اليمين الشعبوي، لذا لا يتخوف البلجيكيون من احتمالية توسع النفوذ الروسي في أوروبا، معتبرين أن إصرار حكومتهم على تطبيق استراتيجية دفاعية جديدة، نابع من حسابات سياسية أخرى داخل التكتل الأوروبي وحلف الأطلسي.

-تصبح عائدات الضرائب على الأصول الروسية المجمدة، هي طوق نجاة لبلجيكا من أجل تمويل ميزانية الدفاع ودعم أوكرانيا، لاسيما وأنها تمتلك نسبة كبيرة من هذه الأصول بأوروبا، وتبقى آلية التعامل مع هذه الأصول والتوافق مع دول الناتو حولها نقطة فارقة في استمرار دعم بلجيكا لأوكرانيا عسكرياً والوفاء بتعداتها أمام الحلف الأطلسي.

– رغم كل الصعوبات السياسية والاقتصادية أمام بلجيكا، إلا أنها تسعى إلى تحقيق تعهداتها في الناتو بشأن الإنفاق العسكري وتسليح أوكرانيا، وتأتي في مقدمة الدول الداعمة لكييف بالدعم العسكري والتدريب لقواتها، لإدراكها خطورة خروجها من المعادلة الراهنة في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، في ضوء تحديات صعود اليمين الشعبوي بأوروبا وعلاقاته مع روسيا، والمخاوف من استغلال الأخيرة لأي ثغرات سياسية أو أمنية كورقة ضغط على أوروبا في الحرب الراهنة مع أوكرانيا.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=95020

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ECCI

الهوامش

Scholz Preaches Peace But His Defense Chief Is Preparing Germans for War
https://tinyurl.com/33sanmsa

Germany and nuclear weapons: A difficult history
https://tinyurl.com/89keecpz

Entwicklung und Struktur des Verteidigungshaushalts
https://tinyurl.com/264xzrp5

كم ارتفعت ميزانيات التسليح في العالم؟ وكم تنفق كل دولة كبرى على جيوشها؟
https://tinyurl.com/ynj9vehk

**

WAR ECONOMY: HOW IS FRANCE ADAPTING TO HIGH INTENSITY?
https://bit.ly/45Pc917

Record high European defence spending boosted by procurement of new equipment
https://bit.ly/3xFebEy

Global military spending surges amid war, rising tensions and insecurity
https://bit.ly/4cu5zju

France’s defense budget paradox: More money, fewer purchases
https://bit.ly/3zqqB3F

**

Netherlands boosts defence spending amid Nato leadership bid
https://n9.cl/bqxx5

Netherlands pushing billions into NATO defense spending standard, Ukraine support
https://n9.cl/5vbman

Netherlands Prepares to Bolster Defense
https://n9.cl/3zpr1

Netherlands defense expenditure to reach $31.2 billion in 2029
https://n9.cl/iaype

Dutch back more spending on defence, return to military service
https://n9.cl/reiw5

**

Belgian support for Ukraine
https://bit.ly/45y9XuQ

Belgium delays decision on arming future drones
https://bit.ly/3VTvzim

Seizing Russian cash to rebuild Ukraine won’t be so easy
https://bit.ly/3VSzjRa

Belgium struggling to meet NATO defence spending targets
https://bit.ly/3VCwtOz

NATO: Ecolo Party urges caution on Belgian military spending plans
https://bit.ly/3VyR3j4

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...