أمن دولي ـ التصعيد في الشرق الأوسط، مؤشر القوة النارية مابين إسرائيل وإيران

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI ـ وحدة الدراسات والتقارير”1″

بقلم: جوليوس زيلزينسكي وفريدريك هولويك ـ تي أون لاين

بعد موجة الانفجارات التي شهدها لبنان، تتزايد المخاوف من نشوب حرب بين إسرائيل وإيران، التي تعتبر نفسها قوة حامية لحزب الله. ويبدو أن أحد البلدين أقوى عسكريًا. فهل هذا هو الحال حقًا؟ يتزايد القلق بشأن التصعيد بين إيران وإسرائيل. فبعد التفجيرات الجماعية لأجهزة الاتصالات لحزب الله اللبنانية يوم 17 سبتمبر 2024، هددت إيران، حامية حزب الله، إسرائيل برد “مدمر”.وقال قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في أعقاب ذلك في رسالة: “مثل هذه الأعمال الإرهابية، التي تنبع بلا شك من يأس النظام الصهيوني وإخفاقاته المتكررة، ستقابل قريبًا برد مدمر من جبهة المقاومة”. وأكدت وسائل الإعلام الرسمية ذلك، نقلاً عن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

في الوقت نفسه، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، أن إسرائيل ستواصل هجماتها على جماعة حزب الله. وأضاف في بيان صادر عن مكتبه: “سلسلة عملياتنا العسكرية ستستمر”. ولكن كيف يتم تصنيف إيران وإسرائيل عسكريًا؟ وفقًا لـ “مؤشر القوة النارية العالمي”، تحتل إيران المرتبة 14 بين أقوى الدول عسكريًا، بينما تحتل إسرائيل المرتبة 17. ويقدم “مؤشر القوة النارية العالمي” نظرة عامة على قدرات الحرب التقليدية لأي دولة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل حجم الجيش النظامي، وعدد الأشخاص في سن الخدمة العسكرية، وعدد المعدات العسكرية، والقوة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن منهجية المؤشر مثيرة للجدل.

إيران

يبلغ عدد سكان إيران 88.5 مليون نسمة، ولديها 610 آلاف جندي عامل، بالإضافة إلى 350 ألف جندي احتياطي. كما يُحسب أيضًا ما يقرب من 200 ألف رجل من الحرس الثوري الإسلامي. ووفقًا لمؤشر القوة النارية العالمي، تمتلك القوات البرية الإيرانية ما يقرب من 2000 دبابة، وأكثر من 65 ألف مركبة مدرعة، و3400 قطعة مدفعية. تمتلك إيران أيضًا 551 طائرة عسكرية و101 سفينة حربية. بالإضافة إلى ذلك، يقدر الخبراء أن ترسانة إيران تحتوي على حوالي 3000 صاروخ باليستي. وتعد هذه الصواريخ أكبر مصدر للتهديد من قبل إيران. كما تمتلك إيران طائرات بدون طيار تُعرف بـ”طائرات الكاميكازي”، التي تتميز بكونها رخيصة وسريعة الإنتاج، مما يجعل من الصعب تقدير عددها بدقة. أمن دولي ـ التصعيد في الشرق الأوسط، “هل لدى إسرائيل مفاجآت جديدة؟

إسرائيل

يبلغ عدد سكان إسرائيل حوالي 9.55 مليون نسمة. ويبلغ عدد المجندين في الجيش 170 ألف جندي، بالإضافة إلى 465 ألف جندي احتياطي. يمتلك سلاح الجو الإسرائيلي 612 طائرة، بينما تضم البحرية 67 سفينة حربية ترفع العلم الإسرائيلي. تتكون المعدات العسكرية المتاحة للقوات البرية من 1370 دبابة، وما يزيد قليلاً عن 43 ألف عربة مدرعة، و1100 قطعة مدفعية. ولا توجد معلومات موثوقة حول حجم الترسانة الصاروخية الإسرائيلية. ومن السمات الخاصة للدفاع الإسرائيلي أنظمة الدفاع المتنوعة مثل “القبة الحديدية” للمسافات القصيرة، و”مقلاع داود” للأنظمة الباليستية الأكبر حجمًا، و”سهم” للدفاع ضد الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى. يمكنك قراءة المزيد عن القبة الحديدية هنا، كما يمكنك العثور على مزيد من المعلومات حول نظام Arrow هنا.

مؤشر القوة النارية العالمي

إذا نظرت فقط إلى الأرقام الأولية، فقد تبدو إيران ذات اليد العليا في المواجهة العسكرية. لكن هذا الرأي لا يأخذ في الاعتبار عوامل مهمة مثل جودة المعدات، وهي عوامل لا يتم تضمينها في “مؤشر القوة النارية العالمي”. ولا تؤخذ في الحسبان أمور مثل نوع ومدة تدريب الجنود أو عمر المعدات العسكرية. استخبارات ـ تفجير اجهزة “بيجر” لحزب الله، ما الجدوى الاستراتيجية ؟

ومثال على ذلك القوة الجوية لكلا البلدين، حيث يتقارب عدد الطائرات المقاتلة بينهما بفارق حوالي 60 طائرة فقط. لكن إسرائيل تمتلك معدات أكثر حداثة؛ إذ تتفوق الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع من طراز F-15، وF-16، وF-35 بشكل كبير على الطائرات الإيرانية. فالقوات الجوية الإيرانية تعتمد أساسًا على طائرات مقاتلة سوفيتية الصنع مثل ميغ 29، أو طائرات أمريكية مثل F-14 التي تم إنتاجها منذ السبعينيات. من ناحية أخرى، لا يشمل المؤشر الأسلحة غير التقليدية مثل الأسلحة الكيميائية أو النووية. وهذا الجانب مهم جدًا في هذا الصراع.

إيران قادرة على صنع سلاح نووي

رفضت إسرائيل دائمًا الإفصاح عن ما إذا كانت تمتلك أسلحة نووية أو عددها، ولكن وجودها يُعتبر سرًا مكشوفًا. فعلى سبيل المثال، أكد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مقابلة مع قناة MSNBC عام 2014 وجود أسلحة نووية إسرائيلية. وتتراوح التقديرات حول عدد الأسلحة النووية الإسرائيلية بين 90 و400 سلاح نووي. أما فيما يتعلق بإيران، فيرى الخبراء أنها لم تمتلك السلاح النووي بعد، لكنها تعمل على تطويره. فإيران تمتلك برنامجًا نوويًا منذ سنوات، وتقول إنه يستخدم فقط لأغراض مدنية. في عام 2016، تم إبرام اتفاق بين إيران وعدة دول غربية، يلزم إيران بإخضاع برنامجها النووي لرقابة مراقبين دوليين.

تخصيب اليورانيوم

في المقابل، تم تخفيف العقوبات المفروضة على إيران. لكن في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من الاتفاق، رغم تأكيد خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كانت تلتزم بالاتفاقيات. منذ ذلك الحين، لم تعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية قادرة على الوصول إلى البرنامج النووي الإيراني أو مراقبته.

وقدر تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس في مارس 2024 أن إيران ستكون قادرة على تخصيب اليورانيوم الموجود في حوزتها لاستخدامه في صنع الأسلحة النووية في غضون 10 إلى 15 يومًا. وتمتلك إيران أيضًا منصات إطلاق يمكن تجهيزها برأس حربي نووي. لكن حتى الآن، لا يوجد ما يشير إلى أن إيران نجحت في بناء مثل هذا الرأس الحربي. ويعتقد خبراء وزارة الخارجية الأمريكية أنه حتى لو امتلكت إيران التكنولوجيا، فسوف يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تمتلك سلاحًا نوويًا عمليًا. اقرأ المزيد عن ذلك هنا.

شهد أعلى ضابط عسكري أمريكي آنذاك في مارس 2023، الجنرال مارك ميلي، أمام الكونغرس بأن إيران ستحتاج إلى عدة أشهر لتسليح نفسها، رغم أنه لم يذكر الأساس الذي استند إليه هذا التقييم. في تقرير ربع سنوي صدر في فبراير 2024، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “إن تصريحات إيران العلنية حول قدراتها الفنية لإنتاج أسلحة نووية تعزز مخاوف المدير العام بشأن دقة واكتمال بيانات الضمانات الإيرانية”. وأشار دبلوماسيون إلى مقابلة تلفزيونية أجراها أستاذ الذرة الإيراني السابق علي أكبر صالحي، قارن فيها صنع سلاح نووي ببناء سيارة، وقال إن إيران تعرف كيفية تصنيع الأجزاء التي تحتاجها. استخبارات ـ كيف نفذت الاستخبارات الإسرائيلية عملية “البيجر” ضد حزب الله ؟

الولايات المتحدة كعامل قوة

هناك عامل آخر يجب أخذه في الاعتبار وهو حلفاء كل من البلدين. ترتبط إيران بالعديد من الجماعات شبه العسكرية في المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن ومنظمة حزب الله في لبنان. من ناحية أخرى، من المؤكد تقريبًا أن إسرائيل ستعتمد على دعم الولايات المتحدة، القوة العسكرية الأكبر في العالم، لوجستيًا وعسكريًا. وفي ضوء هذا التهديد، قامت الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، بزيادة تواجدها العسكري في المنطقة. وأعلن البنتاغون نشر سفن حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية القوات الأمريكية والدفاع عن إسرائيل.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=96882

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI