الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

اليمين الشعبوي ـ صعود البديل من أجل ألمانيا، الأسباب والمعالجات (ملف)

سبتمبر 24, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات 

يتناول الملف بالعرض والتحليل عوامل وتداعيات صعود حزب البديل من أجل ألمانيا AFD، وتأثير ذلك على سياسات الحكومة الألمانية المستقبلية، بالاضافة إلى التدابير والاجراءات الحكومية لمواجهة اليمين الشعبوي والمتطرف في ألمانيا، ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. اليمين الشعبوي ـ أسباب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا
  2. اليمين الشعبوي في ألمانيا: ما تأثير صعوده على سياسات الحكومة المستقبلية ؟
  3. محاربة التطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل من أجل ألمانيا الإنترنت للترويج لخطابه المتطرف؟
  4. أمن ألمانيا ـ نقطة تحول بالأمن الداخلي لمواجهة حزب البديل AFD

1ـ اليمين الشعبوي ـ أسباب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

فاز حزب البديل من أجل ألمانيا بثلث الأصوات في الانتخابات التي جرت في ولايتي “ساكسونيا وتورينجيا” بشرق ألمانيا، وسط توقعات بتحقيق المزيد من النجاح للحزب اليميني الشعبوي في ولاية “براندنبورغ”. أظهرت المكاسب الانتخابية التي حققها حزب البديل من أجل ألمانيا أن اليمين الشعبوي أصبح له القدرة على جذب الأصوات الانتخابية عبر استغلال قضية الهجرة، والتي تعد قضية رئيسية بالنسبة للعديد من الناخبين الذين صوتوا لحزب البديل، بالإضافة إلى استغلال العمليات الإرهابية وحرب غزة وأوكرانيا، وتباطؤ النمو الاقتصادي لتوجيه الناخبين نحو تأييد الحزب.   

صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

أشارت النتائج في الثاني من سبتمبر 2024 بحصول حزب البديل من أجل ألمانيا على أغلبية الأصوات بفارق كبير في انتخابات ولاية “تورينغن” شرقي ألمانيا، كأقوى حزب في ولاية “تورينغن” في هذه الانتخابات في سابقة هي الأولى للحزب في انتخابات محلية منذ تأسيسه قبل 11 عاما. وجاء في المركز الثاني، الحزب المسيحي الديموقراطي بنسبة تأييد بلغت (5.24%) وفي ولاية “سكسونيا” ، أشارت التقديرات إلى تصدر الحزب المسيحي الديمقراطي انتخابات برلمان الولاية (31,7 %) وذلك بفارق ضئيل عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” (31,4 ).

لن يتوقف صعود حزب البديل من أجل ألمانيا، ربما على انتخابات الولايات فحسب، بل قد ينتصر أيضا في الانتخابات العامة على مستوى ألمانيا “انتخابات البوندستاغ الألماني” في العام 2025. وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو ثاني قوة سياسية، حيث تعطيه الاستطلاعات نسبة من (16-19%) خلف حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي.

حث المستشار الألماني “أولاف شولتز” الأحزاب الرئيسية على عدم تقديم الدعم لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي ومنع حزب البديل من أجل ألمانيا من الحكم من خلال الإبقاء على ما يسمى “بجدار حماية”. وأضاف أن “جميع الأحزاب الديمقراطية مدعوة الآن إلى تشكيل حكومات مستقرة دون المتطرفين اليمينيين”، ووصف النتائج بأنها “مريرة” و”مثيرة للقلق”. إستراتيجية أمن ألمانيا .. وتحديات الأمن القومي. بقلم جاسم محمد

استثمار قضية الهجرة واللجوء

يرتكز فكر اليمين المتطرف على مناهضة الهجرة وحشد العداء ضد الأجانب وتحديداً المسلمين والترويج إلى أن ارتفاع معدلات العنف والإرهاب مصدرها بالأساس فتح أوروبا أبوابها أمام اللاجئين والمهاجرين الأعوام الماضية. يستخدم الحزب وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز دعم أيديولوجياته السياسية. يقترح الحزب زيادة عمليات ترحيل المهاجرين والحد من استقبال وافدين جدد، كما يطالب بإنشاء معسكرات احتجاز خارج ألمانيا بهدف منع دخول المهاجرين إلى البلاد.

يتبع اليمين الشعبوي غالبا انتشار حملات التضليل ضد المسلمين والهجرة في أوروبا نمطا معينا خاصة في ألمانيا، حيث ترى السيِّدة “لورينا مارتينيز” وهي رئيسة هيئة تحرير أوروبا في منظمة تدقيق الحقائق “حقائق منطقية”، “إنَّهم يبدؤون بالأخبار الساخنة ويقصفون الجماهير بمحتويات تهدف إلى قيادتهم إلى طريق تكهنات ذات نتيجة حتمية مفادها: أنَّ المسلمين والمهاجرين يشكلون تهديدًا وجوديًا لأوروبا”.

تشير دراسة في 31 أغسطس 2024 إلى أن حزب البديل يستغل “مخاوف الناس من الأجانب وينشر ادعاءات أن الأجانب يستحوذون على فرص العمل بدلا من الألمان، ورغم أن جريمة الطعن في “زولينغن” حدثت في غرب البلاد (في ولاية شمال الراين – ويستفاليا)، إلا أن صداها وصل إلى شرقها. “ليستغل حزب “البديل” صدى الجريمة لصالحه”، ويرفع شعارات الحفاظ على الهوية والقومية الألمانية.

استغلال العمليات الإرهابية الإسلاموية

يستغل اليمين الشعبوي هجمات الطعن التي وقعت مؤخرًا في “زولينغن” من أجل نشر نظريات المؤامرة والكراهية ضد المسلمين والأجانب، مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي. واستخدمت أطراف يمينية شعبوية مثل حزب البديل من أجل ألمانيا هذا الهجوم في المقام الأوَّل من أجل انتقاد السياسة التي تنتهجها الحكومة الاتحادية.

تركت جريمة الطعن في “زولينغن” بولاية “شمال الراين ويستفاليا”، والمشتبه بارتكابها لاجئ سوري رفض طلب لجوئه وتبناها تنظيم “داعش”، أثرها لا محال على الانتخابات في ولايتي “تورينغن و سكسونيا”، فقد أعادت الجدل حول الهجرة والأمن إلى الواجهة، وخلطت الأوراق أكثر إنها هدية مقدمة لحزب البديل في الانتخابات”.

وجدت دراسة أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AFD)  كان أكثر الأحزاب السياسية نشاطا في ألمانيا على تويتر، ومن بين ملايين التغريدات التي تم تحليلها في الدراسة، كانت (30%) منها مرتبطة بحزب “البديل من أجل ألمانيا”. ويمكن على حسابات تويتر الخاصة بالحزب قراءة عبارات لاستغلال الجرائم المتعلقة بهجمات السكاكين كـ”وباء السكاكين يتفشى” لجذب العديد من الأصوات الانتخابية. مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ واقع أجهزة الأمن و استراتيجية داعش الجديدة

استثمار حرب غزة في صعود اليمين الشعبوي

سعى حزب البديل من أجل ألمانيا استثمار حرب غزة واكتساب النفوذ السياسي. وكان قد اتهمت الأحزاب الألمانية كالحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD) حزب البديل من أجل ألمانيا باستخدام حرب غزة للتحريض على معاداة الإسلام ومعاداة السامية. تشرح “مارتا لوريمر” زميلة السياسة الأوروبية في كلية لندن للاقتصاد وخبيرة في اليمين الشعبوي، “يميل اليمين الشعبوي إلى الازدهار في الأزمات. يمكنهم دائما إيجاد طريقة لإعادته إلى أساسياتهم”. وتقول “سارة دي لانج” باحثة في الشعبوية وأستاذة في العلوم السياسية ومقرها أمستردام أن “بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة الشعبوية اتجهت بالفعل على مدار السنوات الماضية نحو المزيد من معاداة السامية”

استغلال المخاوف بشأن حرب أوكرانيا

يستغل حزب البديل من أجل ألمانيا المخاوف بشأن تأثير الحرب في أوكرانيا، والتزام ألمانيا التاريخي بالنهج السلمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى التعاطف المستمر لدى بعض سكان أقاليم ألمانيا الشرقية تجاه الكرملين، نتيجة للفترة التي خضعت فيها المنطقة لسيطرة الاتحاد السوفييتي. تبنى الحزب مواقف مؤيدة لروسيا، ويطالب الحكومة بالامتناع عن إرسال المزيد من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا.

يقول “ماتيا نيلز” المؤسس المشارك للمكتب الألماني الأوكراني، وهي شركة استشارية سياسية مقرها “دوسلدورف” في الثالث من سبتمبر 2024 “إن نتائج الانتخابات المحلية لن تؤثر على تمويل الحكومة الفيدرالية للمساعدات المقدمة لأوكرانيا في الأمد القريب، “لكنك ترى بالفعل تغييرًا طفيفا في خطاب الأحزاب الوسطية تجاه أوكرانيا. لدينا أربعة أحزاب وسطية، وبعضها تبنى بالفعل بعض السرديات أو الأطر التي كانت تستخدمها الأحزاب الشعبوية”. أمن ألمانيا ـ ماذا عن مواقف الحكومة والأحزاب السياسية حول صادرات الأسلحة؟

تنامي الصراعات الداخلية في الائتلاف الحاكم

أعلن زعماء حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي في 29 يونيو 2024 عن زيادة في عدد أعضائه، حيث يضم الحزب نحو (40) ألف عضو، بينهم (77) عضوا في البرلمان الاتحادي من إجمالي (733) عضوا. بالتزامن مع تنامي الصراعات الداخلية في الائتلاف الحاكم، ماساهم في ارتفاع شعبية الحزب. انجرف العديد من السياسيين في اليمين المعتدل إلى نقاش بشأن أمور الهجرة وتعدد الأعراق في البلاد، لدرجة أن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيح “فريدريك ميرز” الذي ينتمي إلى يمين الوسط، أثار مؤخراً ضجة عندما وصف حزبه بأنه بديل مقبول لـ”البديل لأجل ألمانيا”.

عدم الثقة في الأحزاب المعتدلة

أشار تقرير في سبتمبر 2024 إلى أن الألمان الشرقيين قد سئموا من عدم أخذ مخاوفهم على محمل الجد حيث تتصدر الهجرة قائمة المخاوف، تليها أسعار الطاقة والحرب والاقتصاد. صرّح “ألكسندر غاولاند ” رئيس الحزب “AFD” بأن هذه النتائج تعكس رغبة الشعب في تغيير جذري للسياسات الحالية”. ويضيف “غاولاند”: “سئم الناخب الألماني من السياسات التقليدية التي فشلت في معالجة قضايا الهجرة والأمن والاقتصاد، نحن مستعدون لتحمل المسؤولية والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لألمانيا”

أقرّ رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي “فريدريش ميرتس “بالهزيمة، وأكد على ضرورة إعادة تقييم إستراتيجيات الحزب قائلًا “علينا أن نتواصل بشكل أفضل مع المواطنين، ونستمع إلى مخاوفهم وتطلعاتهم. لا يمكننا تجاهل الرسالة التي أرسلها الناخبون من خلال هذه الانتخابات”. وأضاف فقد صوت (37%) من الناخبين الشباب في “تورينجيا” لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. وفي “ساكسونيا” كانت النسبة (31%). ورغم أن هذا أعلى من المتوسط ​​الوطني، فإنه لا يزال يتماشى مع ما حدث في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو 2024 عندما تغلب حزب البديل لألمانيا على الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم.

أشار استطلاع للرأي في الثالث من سبتمبر 2024 للناخبين الألمان أن (54% ) من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يثقون بأي حزب لحل مشاكل البلاد، وقال (16%) فقط إنهم يثقون بالحكومة، وذلك بعد أن أظهر استطلاع سابق أجراه معهد الدراسات السياسية في باريس بين الناخبين في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا أن (60%) من المشاركين في الاستطلاع لا يثقون بالمؤسسات السياسية، وقالت النسبة نفسها إن الديمقراطية لا تعمل.

الاستفادة من التدهور الاقتصادي وقضايا تغير المناخ

يستثمر حزب البديل من أجل ألمانيا القلق بشأن تباطؤ النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا والقضايا الاقتصادية بشكل رئيسي، التي شهدت تحولا ملحوظا في أولوياته، منذ تزايد أعداد اللاجئين عام 2015، حين استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ. ويستغل “حزب البديل من أجل ألمانيا”، استياء جزء مهم من الألمان من السياسات البيئية الحالية للدعوة للتراجع عن التزامات البلاد في مجال الانتقال نحو الطاقة النظيفة والمتجددة والحياد الكربوني.

**

2- اليمين الشعبوي في ألمانيا: ما تأثير صعوده على سياسات الحكومة المستقبلية ؟

شهدت ألمانيا في السنوات الأخيرة صعوداً ملحوظاً لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، وهو حزب يميني شعبوي يتبنى مواقف متشددة تجاه قضايا الهجرة والاتحاد الأوروبي. يمثل هذا الصعود تهديداً جدياً للسياسات الحكومية على مستويات متعددة، بما في ذلك البرلمان والحكومة الفيدرالية وكذلك داخل الاتحاد الأوروبي، كما يعطل صعود هذا الحزب فعلياً عملية اتخاذ القرارات التشريعية والتنفيذية بسبب استراتيجيته المعارضة والتي تركز على عرقلة القرارات والسياسات التي تعارض أجندته. أحد المخاطر البارزة يتمثل في قدرة الحزب على تعطيل عمليات التصويت في البرلمان من خلال المعارضة الشديدة لأي مشاريع قانونية تتعارض مع رؤيته. بفضل الكتلة التصويتية التي يمتلكها، يمكن للحزب أن يعرقل تشريعات مهمة، مما يؤدي إلى إعاقة قدرة الحكومة على تنفيذ برامجها الإصلاحية. علاوة على ذلك، يمكن لحزب البديل من أجل ألمانيا أن يؤثر على سياسة ألمانيا تجاه الاتحاد الأوروبي، مع تعزيز مواقفه المناهضة للاتحاد ومقترحاتها بشأن تقليص التزامات ألمانيا الأوروبية.

كيف يعطل حزب البديل من أجل ألمانيا القرارات الحكومية؟

يعتمد نجاح الحكومة في نظام الديمقراطية البرلمانية،  بشكل كبير على قدرتها على تمرير التشريعات بفعالية. ومع ذلك، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا، بفضل وجوده المتزايد في البرلمان، يتمتع بقدرة على عرقلة القرارات المهمة من خلال استغلال موقفه كحزب معارض قوي. يمكن للحزب أن يضغط على الحكومة لتغيير سياساتها من خلال التهديد بالمعارضة الشديدة، مما يفرض على الحكومة تقديم تنازلات. في حالة التصويت على مشاريع القوانين، يمكن لحزب البديل من أجل ألمانيا استخدام نفوذه لإعاقة أو تأجيل القرارات التي تتطلب أغلبية بسيطة أو أغلبية خاصة. مما يعني أن الأجندة التشريعية للحكومة قد تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق أهدافها دون تقديم تنازلات تتعلق بالقضايا التي تهم حزب البديل من أجل ألمانيا.

قام حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) بتعطيل عدة قرارات حكومية داخل البرلمان الألماني، مما أثر على تنفيذ السياسات الحكومية. في عام 2022، كان هناك محاولة لتقديم قانون جديد لمكافحة تغير المناخ، والذي كان يتضمن أهدافاً طموحة لخفض الانبعاثات وتعزيز الطاقة المتجددة. حاول حزب البديل من أجل ألمانيا تعطيل هذا القانون من خلال تقديم طلبات للتعديل والمطالبة بمزيد من التأخير في تمريره. بالرغم من الضغوط الكبيرة من الأحزاب الأخرى، نجح الحزب في تأخير بعض جوانب القانون حتى تم التوصل إلى تسويات قد تقلل من تأثيره البيئي المرجو. أيضًا في عام 2022، كان هناك مشروع قانون يستهدف تعزيز استخدام التكنولوجيا الرقمية في المدارس لتحسين جودة التعليم. قام حزب البديل من أجل ألمانيا بتقديم طلبات لعرقلة هذا المشروع من خلال الاعتراض على الميزانيات المخصصة والإجراءات التنفيذية المقترحة. هذه المعارضة أدت إلى تأخير تنفيذ المشروع، مما أثر على تسريع التحول الرقمي في التعليم وتوفير الموارد اللازمة للمدارس.

وعام 2023، قدمت الحكومة الألمانية مقترحات لتعديل قوانين الهجرة واللجوء بهدف تحسين إدارة قضايا اللجوء وزيادة فعالية النظام. استخدم حزب البديل من أجل ألمانيا نفوذه لعرقلة هذه المقترحات من خلال المعارضة الشديدة والمطالبة بتعديلات كبيرة تتماشى مع سياساته المناهضة للهجرة. هذا التأخير أثر على قدرة الحكومة على تقديم حلول فعالة لقضايا الهجرة، مما أدى إلى استمرار بعض المشاكل المتعلقة بإدارة اللجوء.

عام 2024، حاولت الحكومة الألمانية إدخال تعديلات على قانون الصحة العامة لتعزيز نظام الرعاية الصحية ومواجهة التحديات الصحية الجديدة. عارض حزب البديل من أجل ألمانيا هذا التعديل بشدة، مما أدى إلى تأخير إقرار التعديلات. هذه التأخيرات أثرت على جهود الحكومة لتحسين الرعاية الصحية وضمان توفير خدمات طبية أفضل للمواطنين.اليمين الشعبوي ـ أسباب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

التأثيرات على الاستقرار السياسي الداخلي

صعود حزب البديل من أجل ألمانيا له تأثير كبير على عملية صنع القرار، ففي بعض الولايات الألمانية مثل تورينغن، تتطلب تغييرات معينة، مثل حل البرلمان المحلي أو انتخاب قضاة المحكمة الدستورية، أغلبية الثلثين من الممثلين المنتخبين. بما أن الحزب يمتلك نفوذاً ملحوظاً في هذه العمليات، فإن عدم موافقته يمكن أن يؤدي إلى تأخير أو إعاقة عمليات حيوية، مثل انتخابات جديدة أو تعديلات دستورية. تحتوي هذه القدرة على التعطيل على تداعيات كبيرة على استقرار الحكم المحلي، مما قد يؤدي إلى فترات طويلة من الجمود السياسي. وفي حالات معينة، يمكن لحزب البديل من أجل ألمانيا أن يعرقل حتى التصويت على انتخاب المناصب الرئيسية مثل رئيس الدولة أو قضاة المحكمة الدستورية، مما يؤثر على النظام القضائي والتنفيذي بشكل مباشر.اليمين الشعبوي في ألمانيا ـ هل يشكل صعود حزب البديل تهديدا للديمقراطية؟

التحديات التي يواجهها الحزب في تورينغن

تبرز التحديات التي يواجهها حزب البديل من أجل ألمانيا في ولاية تورينغن، بشكل واضح، حيث يتطلب حل البرلمان المحلي في تورينغن أغلبية الثلثين، مما يمنح الحزب تأثيراً قوياً في قرارات مهمة مثل الانتخابات الجديدة. نظراً للهيكل السياسي المعقد في الولاية، فإن الحزب يمكن أن يستخدم هذا التأثير لفرض قيوده أو حتى لتعطيل الإجراءات السياسية التي لا تتماشى مع أجندته. في سياق التعديلات الدستورية، يتعين على الحكومة توفير أغلبية الثلثين أيضاً، مما يعزز من قدرة الحزب على التأثير في هذا المجال. من خلال موقفه في البرلمان، يستطيع حزب البديل من أجل ألمانيا أن يمنع التغييرات الدستورية الرئيسية، مما يؤدي إلى عرقلة التقدم في مجال الإصلاحات السياسية والقانونية.

التداعيات على المستوى الأوروبي

تأثير صعود حزب البديل من أجل ألمانيا يتجاوز حدود ألمانيا إلى مستوى الاتحاد الأوروبي. يتبنى الحزب مواقف معارضة قوية للاتحاد الأوروبي، ويعزز من سياسات تقليص التزامات ألمانيا الأوروبية. قد تؤدي هذه السياسات إلى خلق صراعات داخل الاتحاد الأوروبي، مما يؤثر على التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء. قد يسعى الحزب إلى استخدام نفوذه لتعطيل المبادرات الأوروبية التي لا تتماشى مع سياساته. على سبيل المثال، قد يسعى إلى تقويض السياسات المشتركة أو الاعتراض على مواقف الاتحاد الأوروبي في مسائل مثل الهجرة والمالية. هذا يمكن أن يؤثر سلباً على استقرار الاتحاد الأوروبي وقدرته على اتخاذ قرارات فعالة. لمواجهة تأثير حزب البديل من أجل ألمانيا، يتعين على الحكومة الألمانية تبني استراتيجيات فعالة. قد تتضمن هذه الاستراتيجيات تعزيز التحالفات مع الأحزاب الأخرى التي تشاركها الأهداف السياسية، والعمل على تقديم حوافز أو تعديلات لتلبية بعض مطالب الحزب دون التنازل عن المبادئ الأساسية. من الضروري أيضاً تعزيز التواصل مع الجمهور لفهم التحديات والاهتمامات التي تواجههم، مما يمكن الحكومة من تقديم استجابة أكثر فعالية. علاوة على ذلك، يجب على الحكومة وضع استراتيجيات للتعامل مع سياسات الحزب على الصعيدين الوطني والأوروبي، لضمان استمرارية العمل المشترك والتعاون الفعّال في معالجة القضايا المعقدة. على المدى الطويل، تحتاج الحكومة إلى التركيز على تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي لضمان عدم تأثير التحولات السياسية على السياسات التنموية والإصلاحية.اليمين الشعبوي في ألمانيا، صعود كبير في ولاية تورينغن، ما التداعيات؟

**

3ـ محاربة التطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل من أجل ألمانيا الإنترنت للترويج لخطابه المتطرف؟

يعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة جدًا لليمين الشعبوي لتوسيع نطاق وصوله بشكل كبير عبر المنصات الجماهيرية. يمكنهم الوصول إلى الفئات المستهدفة من الشباب والتي لولا ذلك لم يكن بإمكانهم الوصول إليها بشكل أفضل.  . ومن أجل السيطرة الكاملة على رسائله الخاصة والاستقلال عن تقارير وسائل الإعلام القائمة، أنشأ حزب البديل من أجل ألمانيا شبكة من قنواته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي: إنستغرام، وتيك توك، وتويتر، ويوتيوب، وفيسبوك، وتليغرام. وبالمقارنة مع الأحزاب الأخرى الممثلة في البوندستاغ، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا هو الأكثر حضورا على شبكات التواصل الاجتماعي.

استغلال الانترنت وشبكات التواصل من قبل جماعات اليمين الشعبوي

نظرًا لإمكانيات التواصل والمعلومات والاتصالات التي لا حدود لها على ما يبدو، فقد رسخت شبكة الإنترنت نفسها باعتبارها الناطقة بلسان مركزي للحركات السياسية. لقد اقتحمت الأحزاب اليمينية الشعبوية هذا الفضاء الاجتماعي منذ فترة طويلة. وباستخدام مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات عبر الإنترنت، يحاولون جعل رؤيتهم للعالم مقبولة اجتماعيًا والتأثير على الخطاب العام بما يتوافق مع أيديولوجيتهم. ومن خلال التشهير بأولئك الذين يفكرون بشكل مختلف ونشر المعلومات المضللة، ترغب الجماعات اليمينية الشعبوي  في تخويف المعارضين السياسيين من أجل الاستيلاء على سيادة الخطاب على المدى الطويل.

وتعتبر المنصات الإلكترونية قنوات مركزية لنشر الخطابات المتطرفة، ويمكن الوصول بسهولة إلى الشباب، وحتى الأطفال، عبر تطبيقات “YouTube” و”Instagram”، و”TikTok”، وبالتالي فهم هدف للتطرف المرغوب فيه. إنهم “متصلون بالإنترنت بشكل دائم، ومتصلون بشكل دائم” ، فيما قدم المشهد اليميني المتطرف للشباب على وسائل التواصل الاجتماعي إجابات بسيطة على ما يبدو على أسئلة معقدة.

وتسعى المنشورات الناجحة التي تنشرها الأحزاب الشعبوية إلى إثارة المشاعر: إذكاء الخوف من المهاجرين والجريمة والتدهور الاجتماعي، في حين تلعب على مشاعر الغضب تجاه  النخب الحاكمة في البلاد. وتشكل الرسائل الحية الاستفزازية والعبارات العاطفية مفتاح الاستراتيجية التي ينتهجها الشعبويون في وسائل الإعلام الاجتماعية.

ومن الناحية الهيكلية، يمكن أن يُعزى نجاح القوى الشعبوية اليمينية والراديكالية في شبكات التواصل الاجتماعي إلى حد كبير إلى “التشابه الجوهري” بين الشعبوية ووسائل التواصل الاجتماعي. هناك تقارب بين معايير أهمية الخوارزميات وخصائص أسلوب الاتصال الشعبوي (اليميني)؛ فهي تجتذب بعضها البعض: يقدم الراديكاليون والشعبويون المحتوى العاطفي والاستقطابي والاستفزازي الذي تكافئه الخوارزميات برؤية أعلى. لأن المستخدمين يستجيبون لها وبالتالي يبقون على المنصة لفترة أطول. بالإضافة إلى الظروف المواتية بشكل عام، هناك عدد من الأسباب المحددة لنجاح حزب البديل من أجل ألمانيا على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ أن لمنصات تمنح التعليقات الأكثر تطرفاً ميزة منهجية لأن خوارزمياتها وأنظمة التوصية لديها مهيأة لتفضيل هذا النوع من المحتوى لأنه أكثر جاذبية . وهذا يؤدي إلى الإفراط في تمثيل الآراء المثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن للأحزاب الشعبوية أن تستغل هذا لصالحها حتى لو كانت لديها تأييد ضئيل من الناخبين في صناديق الاقتراع.  اليمين الشعبوي في ألمانيا ـ هل يحق لحزب البديل رئاسة لجان في  البوندستاغ ؟

حزب البديل الأكثر تفاعلاً على وسائل التواصل الاجتماعي في ألمانيا

من أجل السيطرة الكاملة على رسائله الخاصة والاستقلال عن تقارير وسائل الإعلام القائمة، أنشأ حزب البديل من أجل ألمانيا الآن شبكة من قنواته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي: إنستغرام، وتيك توك، وتويتر، ويوتيوب، وفيسبوك، وتليغرام. يريد كل من الحزب والكتل البرلمانية وأعضاء البرلمان أنفسهم التواصل بشكل مباشر ودون رقابة مع المواطنين عبر هذه القنوات. وبالمقارنة مع الأحزاب الأخرى الممثلة في البوندستاغ، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا في وضع أفضل بكثير. وعليه، يرى الخبراء أن استراتيجية التواصل التي يتبعها حزب البديل من أجل ألمانيا هي أحد أهم أسباب نجاح الحزب.

وكان قد قام حزب البديل من أجل ألمانيا  في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة 2021، بحملته الانتخابية بشكل شبه حصري في غرف الصدى الرقمية الخاصة به. وفي غضون ذلك، واصل الحزب المضي قدماً في استراتيجيته الإعلامية. على سبيل المثال، تدير المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا في البوندستاغ الألماني غرفة أخبار خاصة بها على وسائل التواصل الاجتماعي مع استوديو تلفزيوني مرتجل.

ويعمل محتوى حزب البديل من أجل ألمانيا وفقا للمبادئ الشعبوية. عناوين قصيرة ومستقطبة ومقتطفات من خطابات السياسيين المعنيين، مع عناوين شعبوية وجريئة. قال عالم السياسة يوهانس هيلجي في عام 2022: “في تاريخ حزبه الشاب، نجح حزب البديل من أجل ألمانيا في بناء قنوات التواصل الاجتماعي ذات الانتشار الأوسع في المشهد الحزبي الألماني.

ومن بين الأحزاب الممثلة في البوندستاغ، يعد حزب البديل من أجل ألمانيا هو الأكثر حضورا على شبكات التواصل الاجتماعي. ويظهر ذلك من خلال استطلاع “Statista” المنشور  في فبراير 2024. ونتيجة لذلك، أصبح لدى حزب البديل من أجل ألمانيا أكبر عدد من المتابعين أو المعجبين (2.66) مليون على شبكات “X” (تويتر سابقًا) ، وفيسبوك ، وإنستغرام ، ويوتيوب ، وتيكتوك . حزب الخُضر هو الأقرب إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، حيث يبلغ عدد أتباعه  (1.43) مليون شخص، لكن الفجوة هنا أيضًا مع حزب البديل من أجل ألمانيا كبيرة.

يظل موقع فيسبوك “Facebook ” هو المنصة الأكثر أهمية بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا للتواصل. ويجري ما مجموعه (84%)  من تفاعلات مستخدمي فايدل على وسائل التواصل الاجتماعي عبر هذه المنصة.

يعد تطبيق أنستجرام “Instagram” أيضًا وسيلة مهمة لتجنيد متابعين جدد، كما أظهر البحث الذي أجرته شبكة Correctiv من عام 2020. على سبيل المثال، تنشط منظمة الشباب التابعة لحزب البديل من أجل ألمانيا، Junge Alternative (JA)، على موقع إنستغرام.

يحقق “حزب البديل من أجل ألمانيا” أيضًا في المتوسط ​​أكبر عدد من التفاعلات، وبالتالي أعلى نسبة وصول من خلال منشوراته على منصات “Facebook” و”Instagram” و”X” . ومن خلال المساهمات الفردية، أصبح قادراً على مخاطبة جمهور بالملايين.

فيما حققت أكبر ثلاثة حسابات لحزب البديل من أجل ألمانيا نجاحا على موقع يوتيوب “YouTube” مقارنة بحسابات الأحزاب الأخرى. ويتبع المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا (307) آلاف شخص. للمقارنة: حزب الخضر، على سبيل المثال، لديه (26) ألف شخص فقط، بينما حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يضم (17) ألف شخص فقط. ومن بين سياسيي حزب البديل من أجل ألمانيا، تتمتع زعيمة المجموعة البرلمانية أليس فايدل بوصول قوي بشكل خاص. يضم حسابها على “YouTube”  حوالي  (149000) متابع. ومع ذلك، فإن النهج المباشر لحزب البديل من أجل ألمانيا تجاه متابعيه لا يتم فقط عبر يوتيوب، ولكن قبل كل شيء عبر تيك توك. اليمين الشعبوي ـ أسباب صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

Tiktok “المنصة المثالية لحزب شعبوي

يتجه المراهقين والشباب في جميع أنحاء العالم بحماس حاليًا لتطبيق يمكن استخدامه لإنشاء مقاطع فيديو مع الموسيقى يدعى “TikTok” والذي تديره شركة “ByteDance” الصينية. وفي تصنيف شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في ألمانيا، يحتل “TikTok” المركز الرابع خلف منصات التواصل الاجتماعي القديمة “YouTube” و”Facebook” و”Instagram” بحصة مستخدم تبلغ (37%).

يعد حزب البديل من أجل ألمانيا أقوى قوة على تيكتوك، مقارنة بالأحزاب الألمانية الكبرى الأخرى. وبهذه الطريقة، يصل الحزب في المقام الأول إلى الناخبين الشباب. وقد أظهر استطلاع رئيسي للرأي نُشر في أبريل 2024 أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو الحزب المفضل بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (14 و29) عاما، حيث من المتوقع أن يحصل على (22%)  من الأصوات ــ وهو ضعف النتيجة التي حصل عليها قبل عام واحد فقط.

يحظى محتوى حزب البديل من أجل ألمانيا على “Tiktok” بملايين الإعجابات. أكثر من (6) ملايين إعجاب، وما يقرب من (730)  ألف متابع وفقاً لدراسة نشرت في 2 سبتمبر 2024. وعلى سبيل المقارنة: تضم المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي (112) ألف مشترك على تيك توك  فقط. إن تركيز حزب البديل من أجل ألمانيا على وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى تغيير الطريقة التي يتحدث بها الناس في البرلمان.

وقد حققت قناة “TikTok” التابعة لمجموعة حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمانية  بين يناير 2022 وديسمبر 2023،  ما متوسطه (430) ألف ظهور لكل فيديو – أي أكثر من ضعف ما حققته جميع فصائل البوندستاغ الأخرى مجتمعة. وأشارت دراسة نشرت في ابريل 2024 إلى أن زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل كانت واحدة من أكبر خمسة مؤثرين سياسيين على تيك توك  في ألمانيا. وكان السياسي في حزب البديل من أجل ألمانيا أولريش سيجموند من ولاية ساكسونيا أنهالت في شرق ألمانيا في المركز الأول بأكثر من  (400) ألف متابع.

ويصف الخبير الرقمي فولفجانج شفايجر، الذي يشغل كرسي علوم الاتصال بجامعة هوهنهايم، تيك توك بأنه “المنصة المثالية لحزب شعبوي مثل حزب البديل من أجل ألمانيا”. يعمل الحزب برسائل عاطفية ويفترض أنها حلول سريعة. “بالطبع شيء مثل هذا يعمل بشكل رائع في مقاطع فيديو مدتها دقيقة واحدة”. اليمين الشعبوي في ألمانيا ـ هل يشكل صعود  حزب البديل تهديدا للديمقراطية؟

**

4ـ من ألمانيا ـ نقطة تحول بالأمن الداخلي لمواجهة حزب البديل AFD

لطالما باتت الهجرة واللجوء ورقة ضغط في يد الأحزاب السياسية الألمانية، وفي مقدمتهم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، خاصة في الفترات التي تسبق الانتخابات التشريعية والإقليمية، والأوقات التي تتفاقم فيها حدة التهديدات الإرهابية وتتصاعد فيها حوادث الطعن المرتبطة بالتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم “داعش”، تصبح إعادة نظر الحكومة الألمانية والبرلمان والأحزاب في سياسات حماية الأمن القومي نقطة فاصلة ليس عليها خلاف، سواء عن طريق معالجة الجذور الرئيسية وراء صعود اليمين الشعبوي على المستويين السياسي والمجتمعي، أو مراجعة آليات التعامل مع اللاجئين والمهاجرين بتشديد إجراءات  قبول طلبات اللجوء وتدقيق الفحص على الحدود، ما يجعل التوقيت الحالي مرحلة مختلفة بشأن استراتيجية ألمانيا الأمنية.

تأثير هجوم زولينغن على سياسات ألمانيا

فرض هجوم الطعن في زولينغن في 23 أغسطس 2024، على الحكومة الألمانية مناقشة تشديد التدابير الأمنية لمواجهة تبعات الهجرة واللجوء، وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في 29 أغسطس 2024، عن إجراءات تتعلق بوضع ضوابط حمل السلاح الأبيض وحظر استخدامه في المهرجانات والأحداث الرياضية، ومنع حيازة السكاكين بمواصفات معينة في القطارات ذات المسافات الطويلة، ومنح الشرطة مزيداً من الصلاحيات لتفتيش العامة وفرض عقوبات صارمة على الجرائم الخطيرة، وطرحت نانسي فيزر تشديد معايير قبول طلبات اللجوء وتقليل المساعدات المقدمة لبعض المهاجرين غير الشرعيين.

قدمت الحكومة الألمانية في 10 سبتمبر 2024، خطة لتطبيق قواعد أوروبية أكثر صرامة خاصة باللجوء من شأنها أن تؤدي إلى إبعاد المهاجرين عند حدودها، في أعقاب إعلانها أنها ستبدأ في فرض ضوابط على جميع حدودها البرية. وتتضمن الضوابط احتجاز طالبي اللجوء، مع تحديد السلطات مسؤولية ألمانيا عن معالجة حالاتهم بالاستعانة بقاعدة بيانات بصمات الأصابع وفقاً للنظام الأوروبي لمضاهاة البصمات.

بانعقاد قمة اللجوء والهجرة في 12 سبتمبر 2024، زادت المنافسة بين أحزاب الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة الألمانية حول مقترحات إعادة اللاجئين لبلدانهم وإغلاق الحدود، إذ طرح ممثلون من الولايات الفيدرالية تدابير لتشديد نظام اللجوء، وتوسيع نطاق الضوابط الحدودية ومراكز الاحتجاز، حتى يتم احتجاز وترحيل اللاجئين الذين تقع طلبات لجوئهم على عاتق دول أوروبية أخرى بحسب اتفاقية “دبلن”. ولم يكتفِ حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بهذه الأطروحات، وطالبا بالطرد الفوري لجميع اللاجئين الذين لا يحملون وثائق دخول قانونية.

تزامن هجومين إرهابيين في ألمانيا مع تفوق حزب “البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات الإقليمية في مقاطعتي تورينغن وساكسونيا شرق ألمانيا، واتجاه التوقعات إلى فوزه في براندنبورغ في الانتخابات التي ستقام 22 سبتمبر 2024، لحصوله على (29%) من استطلاعات الرأي، ويتقدم على حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي بنسبة (17%) والاشتراكي الديمقراطي بـ (22%).

فرضت ألمانيا بداية من 16 سبتمبر 2024، إغلاقاً للحدود لمدة (6) أشهر على كل حدودها التسع مع دول أوروبية أخرى، مع فحص الأجانب القادمين وفقاً لمعايير تعسفية، وسيتم إجبار المتقدمين المرفوضين على الانتقال إلى الدول المجاورة لألمانيا، ومراقبة المعابر مع لوكسمبورغ وبلجيكا وهولندا والدنمارك، وتوسيع الرقابة على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك والنمسا وسويسرا وفرنسا. وأدرجت وزيرة الداخلية نانسي فيزر الرقابة الجديدة رسمياً لدى المفوضية الأوروبية في بداية سبتمبر 2024، منوهة إلى أن الخطوة للحد من الهجرة غير الشرعية والحد من مخاطر الهجمات ذات الدوافع الإسلاموية المتطرفة.أمن ألمانيا القومي ـ مساعي الاستخبارات للحصول على صلاحيات أوسع

لماذا تتجه الحكومة والأحزاب إلى سياسات مشددة في الهجرة واللجوء؟

الهجمات الإرهابية: بعد هجوم زولينغن، طعنت امرأة (32) عاماً (5) أشخاص على متن حافلة في مدينة زيغن غرب ألمانيا في 31 أغسطس 2024، وأشارت الشرطة إلى أن الهجوم يشكل حادثاً إرهابياً. وفي 13 سبتمبر 2024 أوقف المدعي العام في ميونيخ جنوب ألمانيا سورياً (27) عاماً، بتهمة الإعداد لهجوم بالساطور على جنود من الجيش الألماني في بلدة هوف بولاية بافاريا. تصاعدت جرائم الطعن في ألمانيا، إذ ارتفعت الاعتداءات الجسدية الخطيرة باستخدام السكين بنسبة (10%) في 2023 مقارنة بعام 2022. وسجل العام الماضي (8951) حالة طعن، ووصلت جرائم الطعن بالسكين في محطات السكك الحديدية إلى (777) هجوماً في 2023، وفي النصف الأول من 2024 وصلت إلى (430) هجوماً.

أعداد المهاجرين واللاجئين: سجلت ألمانيا بنهاية 2023 نحو (3.2) مليون شخص لاجئ، ما يعني أن عدد الأشخاص المسجلين الباحثين عن الحماية ارتفع بنحو (95) ألف شخص، وهو ما يعادل (3%) مقارنة بعام 2022، وتجاوز اللاجئين الأوكرانيين مليون شخص، ووصلت طلبات اللجوء إلى (44) ألف طلب. وتتجه المؤشرات إلى تسجيل ألمانيا بنهاية 2024 نحو (270) ألف طلب لجوء، والآن يظل هناك نصف مليون طلباً للجوء معلقاً، بعد صدور أوامر بترحيل (227) ألف شخص، ولكن عقبات الترحيل عطلت (80%) منهم.

حزب “البديل من أجل ألمانيا” وملف الهجرة: يستهدف حزب “البديل من أجل ألمانيا” إلغاء جميع القوانين المتعلقة بحق بقاء اللاجئين، مؤكداً أن منح الحماية للاجئ ينبغي أن تكون مدة الحرب فقط وليست هجرة دائمة. ويرفض الحزب الذي يملك (78) مقعداً في البرلمان وممثلاً في (15) برلماناً من برلمان الولايات الـ (16)، فكرة إعادة توطين اللاجئين في الاتحاد الأوروبي، ويطالب بترحيلهم وإنشاء مراكز احتجاز بالقرب من الحدود لضمان إجراءات إنهاء الإقامة في حالة عدم قبول طلبات الحماية. ولدى الحزب علاقة وثيقة بحركة “الهوية” اليمينية المتطرفة، وأحد أبرز رموز الجناح المتطرف ومؤسس ومدير “معهد البحوث لسياسة الدولة” المعروف بأفكاره اليمينية المتطرفة كوبيتشيك وبيورن. واجتمع حزب البديل من أجل ألمانيا في 19 يناير 2024 مع متطرفين يمينيين سياسيين لمناقشة تنظيم مظاهرات وحشد آراء مناهضة للهجرة واللجوء.

نفوذ اليمين المتطرف: حذرت هيئة حماية الدستور الألمانية “الاستخبارات الداخلية” في 20 يونيو 2023 من تصاعد أعداد المتطرفين اليمينيين، وأشارت دراسة في 23 ديسمبر 2023 إلى انتشار المواقف اليمينية المتطرفة في المجتمع الألماني بزيادة ملحوظة مقارنة بعام 2021، إذ أن “واحد من كل 12” شخصاً بالغاً يتبنى وجهة نظر يمينية متطرفة. تضاعف عدد تظاهرات اليمين المتطرف في النصف الأول من العام 2023 بأكثر من (3) مرات مقارنة بعددها في نفس الفترة من 2022. ارتفع عدد المسيرات اليمينية المتطرفة في أنحاء ألمانيا من (35) مسيرة في النصف الأول من 2022 إلى (110) مسيرة في النصف الأول من العام 2023. وأشار تقرير استخباراتي في 21 يونيو 2023، إلى أن التطرف اليميني لا يزال يشكل أكبر تهديد للنظام الديمقراطي.اليمين المتطرف في ألمانيا ـ المخاطر والتحذيرات (ملف)

مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا أمن قومي

حصول حزب البديل من أجل ألمانيا على المركز الثاني من مقاعد ألمانيا بالبرلمان الأوروبي، كانت بداية لمطالبة الأحزاب التقليدية بشكل واضح بإجراء تعديلات على قوانين الهجرة، وقال سياسيون من حزبي الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي المسيحي، إن نتيجة الانتخابات تشير إلى أن الهجرة تلعب دوراً في هذا السياق، فإن العمل على تنفيذ قوانين الهجرة وتلبية احتياجات الأمن القومي حاجة ملحة. ويضغط حزبا الاتحاد الاجتماعي المسيحي والاتحاد الديمقراطي المسيحي لإنهاء إجراءات اللجوء بأسرع وقت ممكن للحد من الهجرة لألمانيا. وعقدت وزارة الداخلية الألمانية جلسة استماع مع (30) خبيراً حول استقبال بلد ثالث للمهاجرين.

أكد المستشار الألماني أولاف شولتز في 23 يونيو 2024، ضرورة تغيير المنهج في التعامل مع الأشخاص الذي يرتكبون جرائم خطيرة بألمانيا أو يشكلون تهديداً إسلاموياً، منوهاً إلى أن مصلحة ألمانيا تعلو مصلحة الجاني في الحماية في مثل هذه الحالات. وفي أعقاب حوادث الطعن الأخيرة أجريت عدة محادثات بين ممثلي الحكومة والأحزاب حول قوانين الهجرة واللجوء.

أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاغ في الأول من سبتمبر 2024، رغبته باتخاذ إجراءات شاملة لتعزيز أمن الألمانيين على جميع المستويات، وألمح إلى مصطلح “نقطة التحول” في سياسات ألمانية الأمنية والعسكرية بالخارج عقب الحرب الأوكرانية، كإشارة إلى أهمية تطبيق هذه الاستراتيجية على مستوى الأمن الداخلي، في ضوء التهديدات الإرهابية وزيادة وتيرة العنف، بطرحه زيادة المراقبة للمناسبات العامة والدعوة لإصلاح قاعدة الديون ما ينعكس على الاستثمارات المطلوبة لتعزيز الأمن الداخلي.اليمين الشعبوي في ألمانيا: ما تأثير صعوده على سياسات الحكومة المستقبلية ؟

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– يواصل حزب البديل من أجل ألمانيا الصعود على الرغم من الجهود المبذولة من الأحزاب الألمانية لوقف صعود الحزب داخل الولايات خاصة في الولايات الشرقية، عبر تحذير الناخبين من التطرف المتزايد للحزب.

– كانت الهجرة قضية رئيسية تدفع الأصوات الألمانية  لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، مع توجيه الحزب الكثير من الخطابات الدعائية الشعبوية  إلى المهاجرين غير الأوروبيين، وخاصة المسلمين.

– تستفيد الأحزاب الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا لاسيما ألمانيا من الناخبين الذين يريدون ببساطة التعبير عن استيائهم من الأحزاب السائدة. ولكن في شرق ألمانيا، يبدو أن الناخبين يتبنون حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل متزايد ليس من باب الاحتجاج، بل من باب القناعة السياسية الجادة.

– بات متوقعا أن تتخذ الأحزاب المعتدلة الألمانية سياسات أكثر صرامة بشأن قضايا مثل الهجرة والأمن والاقتصاد، وتدفع بإجراءات لتسهيل ترحيل طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم، من أجل استعادة ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا.

–  من المستبعد أن يتولى حزب البديل من أجل ألمانيا السلطة بعد الانتخابات،  لأن جميع الأحزاب السياسية الألمانية لاسيما أحزاب الائتلاف الحاكم، لن تشكل ائتلافات معه. على الرغم من الأداء القوي لحزب البديل لألمانيا في كل من “ساكسونيا وتورينجيا”.

**

–  إن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا يعكس تحولاً كبيراً في المشهد السياسي الألماني، مع تأثيرات محتملة على استقرار الحكومة والسياسات الوطنية والأوروبية. بينما يسعى الحزب إلى استغلال نفوذه لتعطيل القرارات وتعزيز أجندته، فإن استراتيجيات مواجهة فعالة يمكن أن تساعد في التخفيف من تأثيره. يتطلب الأمر توازناً دقيقاً بين الاستجابة لمطالب الحزب والحفاظ على استقرار النظام السياسي لضمان استمرار التقدم والنجاح في المستقبل.

–  تأثير حزب البديل من أجل ألمانيا على السياسات الحكومية يمكن أن يكون ملحوظاً على عدة أصعدة. بفضل موقفه المعارض والقدرة على تعطيل القرارات في البرلمان، يمكن للحزب أن يعرقل تنفيذ السياسات الحكومية، مما يؤدي إلى تأخير أو حتى إلغاء مشاريع قانونية هامة. هذه القدرة على العرقلة تعزز من صعوبة تحقيق الأجندة الإصلاحية للحكومة، مما يتطلب منها التكيف مع الواقع السياسي الجديد وتقديم تنازلات قد تكون ضرورية للتقدم.

–  بالرغم من قوة الحزب في الوقت الحالي، إلا أنه سيواجه تحديات كبيرة في المستقبل. أحد هذه التحديات هو كيفية الحفاظ على وحدة الحزب في ظل التباين داخل صفوفه حول بعض القضايا الأساسية. كما أن الشعبية الحالية قد تكون مؤقتة، حيث قد تنخفض إذا فشل الحزب في تحقيق وعوده أو إذا حدثت تغييرات في المشهد السياسي الوطني. يتطلب الأمر من الحزب أن يتعامل بحذر مع التوترات الداخلية وأن يكون مرناً في استراتيجياته السياسية.

–  قد يمتد تأثير حزب البديل من أجل ألمانيا إلى المستوى الأوروبي، حيث يمكن أن يعزز من صراعات داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في قضايا مثل الهجرة والمالية. يمكن للحزب أن يحاول تقويض سياسات الاتحاد الأوروبي من خلال الضغط على الحكومة الألمانية لتبني مواقف أكثر تشدداً. ومع ذلك، فإن قدرة الحزب على إحداث تغييرات كبيرة قد تكون محدودة إذا واجه مقاومة قوية من بقية الدول الأعضاء.

–  لضمان الاستجابة الفعالة لصعود حزب البديل من أجل ألمانيا، يجب على الأحزاب السياسية الأخرى والحكومة تبني استراتيجيات متعددة. تعزيز التعاون مع أحزاب أخرى، وتقديم حلول واقعية لمشاكل المواطنين، والتواصل الفعّال مع الجمهور يمكن أن يساعد في تقليل تأثير الحزب. من الضروري أيضاً معالجة الأسباب الجذرية لاستياء الناخبين من خلال سياسات شاملة تدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يعزز من قدرة الحكومة على الحفاظ على توازن السياسة العامة.

**

–  تعتبر المنصات الإلكترونية قنوات مركزية لنشر الخطابات المتطرفة وإيصالها بسهولة إلى الشباب. حيث إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كقناة للتواصل مع أنصار سمح لحزب البديل من أجل ألمانيا بتجاوز وسائل الإعلام القائمة ونشر رسائله بشكل مباشر – وكثير منها عنصري وقومي علناً وكاذب فعلياً.

–  يدرك حزب البديل من أجل ألمانيا إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي، ويأخذها على محمل الجد ويواكب الاتجاهات الحالية. وقد فعلوا ذلك في وقت أبكر بكثير وبشكل أفضل بكثير من أي طرف آخر. في بعض الحالات، تكون الخطب العامة مكتوبة بالفعل وفقًا لوسائل التواصل الاجتماعي. وهذا يعني أنها مكتوبة بشكل خاص وبجمل قصيرة مثيرة يمكن بعد ذلك تحميلها مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

–  ومن خلال وجوده الرقمي، يريد حزب البديل من أجل ألمانيا أيضًا إنشاء جمهور مضاد لأنه يدعي دائمًا أنه يخضع للرقابة من قبل وسائل الإعلام الرئيسية ولا يمكنه قول ما يريد.

–  يحقق حزب البديل من أجل ألمانيا  مقارنة بالأحزاب الألمانية الأخرى أكبر عدد من التفاعلات على منصات التواصل، وبالتالي أعلى نسبة وصول من خلال منشوراته على منصات “Facebook” و”Instagram” و”X” . وبالتالي أصبح قادراً على مخاطبة جمهور بالملايين.

–  يتخذ حزب البديل من أجل ألمانيا نهجًا استراتيجيًا للغاية وينشط بشكل أساسي على “TikTok”. إنهم على دراية تامة بكيفية عمل المنصة واستخدام الاتصالات السياسية المعاصرة. وهذا يعني أنه يمكنهم الوصول إلى الكثير من الشباب على وجه الخصوص

–  إن أحد أهم مخططات التواصل التي ينتهجها حزب البديل من أجل ألمانيا ــ فضلاً عن الأحزاب والجهات الفاعلة الشعبوية الأخرى ــ هو الاستفزاز المحسوب . ومن خلال موجات جديدة من الغضب، يحاول الحزب جذب اهتمام وسائل الإعلام والإعلانات المجانية في نهاية المطاف. وهذا يعني أن رسائل يتم نشرها عمدا، من المؤمل أن تؤدي إلى ردود فعل عنيفة في الخطاب العام – وفي الوقت نفسه استقطابه الشديد.

–  من المرجح أن يحقق حزب البديل نجاحا ملحوظا في الانتخابات البرلمانية القادمو خاصة من فئة الشباب نظراً لاستثماره الذكي لوسائل التواصل الاجتماعي.

–  لمواجهة الأحزاب الشعبوية وحقيق مكاسب سياسية ، يجب أن يتواجد السياسيون الديمقراطيون في المكان الرقمي المناسب وفي الوقت المناسب مع المحتوى ذي الصلة. لا يمكن ترك منصة مثل تيك توك لحزب البديل من أجل ألمانيا على الرغم من ملكيتها الصينية.

–  المطلوب هو خطاب اجتماعي يتخذ موقفًا واضحًا ضد اليمين، سواء عبر الإنترنت أو خارجه. وفي الوقت نفسه، لا بد من ممارسة المزيد من الضغوط السياسية على المنصات لضمان اعتدالها بشكل أكثر صرامة وحظر الحسابات الكبيرة التي تنتمي إلى الجهات الفاعلة اليمينية.

**

– التقارب الراهن بين أحزاب المعارضة والائتلاف الحاكم في ألمانيا بشأن تغيير سياسات الهجرة واللجوء، تشير إلى حجم المخاوف من استغلال التيار اليميني الشعبوي مسألة الهجرة لتعزيز وجوده في المؤسسات التنفيذية والتشريعية، والترويج لأفكاره المتطرفة بين الألمان، خاصة وأن حوادث الطعن آخذة في التصاعد بالتزامن مع التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتوظيف التنظيمات الإسلاموية المتطرفة الصراع بين إسرائيل وحركة حماس لصالحه في دول أوروبا وتحديداً ألمانيا.

– يعد حزب البديل من أجل ألمانيا وخطابه حول الهجرة واللجوء، جرس إنذار للحكومة والمؤسسات الاستخباراتية الألمانية، بضرورة تقديم حلول جذرية للأزمات الاقتصادية والسياسية الحالية التي تمر بها ألمانيا، والتي قد تتشابك مع دول الاتحاد الأوروبي لاختلاف الرؤى بين الدول الأعضاء حول التعامل معها، وعلى رأسها يأتي ملف الهجرة القضية الشائكة منذ سنوات داخل أروقة التكتل الأوروبي، من أجل تحجيم نفوذ الأحزاب اليمينية الشعبوية وتداعياتها على الأمن القومي للمجتمع الألماني.

– الضغوط السياسية الحالية على ألمانيا، نظراً لاستمرار صعود حزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات الإقليمية، تضع الأحزاب والحكومة في مأزق لتشديد إجراءات اللجوء والهجرة بشكل يحافظ على الأمن الداخلي، ولا يتسبب في تغيير استراتيجية ألمانيا الأساسية المتعلقة باستقبال اللاجئين، لذا يجب مراعاة القوانين الجديدة المقترحة بترحيل اللاجئين والمهاجرين وتشديد الإجراءات على المعابر الحدودية بين ألمانيا وبعض دول الاتحاد.

– لتفادي أن تصبح الهجرة واللجوء ورقة سياسية في يد الأحزاب اليمينية الشعبوية، ووسيلة ضغط على باقي الأحزاب في الانتخابات والمؤسسات الألمانية، ينبغي وضع ضوابط لنظام اللجوء والهجرة في إطار قانوني يضمن الحفاظ على الأمن القومي، ويراعي أي تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية حول استقبال اللاجئين، في ضوء استمرار الحرب الأوكرانية وتصاعد المعارك بين موسكو وكييف، وتأزم الأوضاع في بعض دول إفريقيا والشرق الأوسط، واحتمالية تسجيل العالم موجات لجوء جديدة جراء الصراعات الحالية.

-التحول في سياسات ألمانيا حول اللجوء والهجرة يعد مغايراً تماماً لنهجها على مدار نحو 10 سنوات، وسينعكس على إجراءات باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول استقبال المهاجرين، لذا ينبغي التنسيق بين ألمانيا وباقي دول الاتحاد حول إجراءات الهجرة واللجوء وضبط الحدود بينهما لفترة زمنية محددة، وتسريع إجراءات البت في طلبات اللجوء، بما يتناسب مع قوانين الاتحاد بشأن الهجرة من ناحية، وتوسيع صلاحيات جهاز الاستخبارات الداخلي المسؤول عن ضبط الأمن على مستوى الولايات، وتعزيز التعاون بينه وبين الشرطة الفيدرالية للتصدي لأي تهديدات إرهابية محتملة واتخاذ تدابير استباقية للحفاظ على الأمن المجتمعي من ناحية أخرى.

– لدى أحزاب الائتلاف الحكومي وباقي الأحزاب التقليدية، فرصة لتعديل موقفها في التصويت على مستوى الانتخابات الإقليمية الأيام المقبلة، رغم ما حققه حزب البديل من أجل ألمانيا، بإظهار التغييرات والتعديلات على سياسات الأمن الداخلي وقوانين الهجرة واللجوء ومواجهة التهديدات الإرهابية، التي اعتادت الأحزاب اليمينية الشعبوية استخدامها لتقديم نفسها وبرامجها الانتخابية للناخبين كبديل عن الأحزاب التقليدية.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=96917

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

Where does Europe’s far right stand on the Israel-Hamas war 
https://tinyurl.com/5dj97n24

There’s only one way to keep Germany’s far-right AfD at bay. Address the concerns it exploits
https://tinyurl.com/4tbufjxh

The firewall against the German far right is crumbling
https://tinyurl.com/5azt5u37

German far-right surge raises doubts about Berlin’s support for Ukraine
https://tinyurl.com/bdcfu5cf

**

Germany’s Far-Right Party Is Worse Than the Rest of Europe’s
https://bit.ly/3B6Kspp

Understanding the Alternative for Germany (AfD)
https://bit.ly/4e7bs6Q

Is Germany’s far-right AfD a threat to democracy?
https://bit.ly/4en94IS

“The Rise of the AfD and its Impact on German Foreign Policy”
https://bit.ly/3XvaPN8

**

Far-right AfD appears as strongest German party on TikTok
https://n9.cl/9r5jzd

Kommunikation der AfD: Provozieren, polarisieren, normalisieren
https://n9.cl/5krgj

Die AfD dominiert TikTok – Studie zur Sichtbarkeit der Parteien in den Sozialen Medien
https://n9.cl/tjgqe

AfD auf Social Media am breitesten aufgestellt
https://n9.cl/ftw0r

**

Germany Is Considering Ending Asylum Entirely
https://bit.ly/47wPjws

ألمانيا تشدد إجراءات المراقبة على حدودها البرية لمكافحة الهجرة غير القانونية
https://rb.gy/3vnlep

Berlin makes proposals to reduce number of asylum seekers
https://shorturl.at/f6YIP

Germany’s “migration summit:” A booster for the far-right AfD
https://shorturl.at/D2QNj

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...