الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن دولي ـ مخاوف أوروبا من تهديدات روسيا النووية المحتملة

يونيو 29, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)

تعود مخاوف أوروبا من التهديدات النووية إلى الحرب العالمية الثانية وما تبعها من تصاعد التسلح النووي لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وفرنسا والاتحاد السوفيتي وقتها، ورغم انخفاض هذا التهديد في الحرب الباردة منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أن المخاوف تجددت مع الحرب الأوكرانية وتفاقم التوتر بين الناتو وروسيا حول استخدام السلاح النووي. ومع تصاعد وتيرة المعارك في أوكرانيا، اضطرت بعض الدول الأوروبية إلى اتباع استراتيجية عسكرية مغايرة لمخاوفها، ما سمح للناتو والولايات المتحدة بنشر بعض الأسلحة النووية في أوروبا، واتخاذ تدابير استباقية في حال دخول الصراع إلى مرحلة التصعيد النووي. وفي الوقت نفسه تسببت هذه السياسات في انقسام داخل الأوساط السياسية والمجتمع الأوروبي حول الانجرار إلى حرب نووية محتملة، والتخلي عن استراتيجية منع الصراعات النووية.

موقف الحكومات الأوروبية من تهديدات روسيا

ترفع ألمانيا شعار “الحد من التسلح النووي” نظراً لمعاناتها من تداعيات الحروب السابقة، وإدراكها خطورة دخول الحرب الأوكرانية لمسار التصعيد النووي في ظل تحركات روسيا وتهديدات الناتو، وفي بداية الحرب أبدت ألمانيا تحفظها على التهديدات المتكررة من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باستخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا، مشددة على أنها لن تسمح بأن تتعرض للابتزاز. وفي 25 مارس 2023 أكدت ألمانيا التزامها في الحد من التسلح وعدم انتشار السلاح النووي حتى في ظل الظروف المتغيرة. رغم عدم وجود تفاهم مكتوب بين الحكومة والمعارضة حول هذا الأمر، إلا أنهم ينظرون إلى التسلح النووي على أنه من المحرمات. وتنشر الولايات المتحدة نحو (20) رأساً نووياً في قاعدة بوشل بولاية راينلاند-بفالتس، في إطار “توازن الرعب” بين واشنطن وموسكو. ولكن في مطلع العام الجاري، طرحت في ألمانيا فكرة إنشاء مظلة نووية أوروبية، وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، إنه من الضروري البحث عن تأسيس قوة ردع نووية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا.

بعد نشر روسيا أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، حذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، في 14 فبراير 2024، من الحديث عن الردع النووي الأوروبي دون الولايات المتحدة، بينما أوضح رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي روبرت بريغر في 16 فبراير 2024، أن النقاش الدائر حول الأسلحة النووية الأوروبية أمر مشروع، بالنظر إلى مواقف روسيا، وأكد أنه إذا أراد الأوروبيون التصرف على “قدم المساواة مع القوى الأخرى”، فيجب عليهم زيادة الإنفاق الدفاعي. وتنظر النرويج إلى خطط روسيا لنشر أسلحة نووية بالتهديد الحقيقي، وفي 12 مارس 2024 قالت الخارجية النرويجية، إن أوروبا وحلفائها يجب أن يكونوا قادرين على مواجهة هذا التهديد.

أبدت بولندا في 22 أبريل 2024 ترحيبها بنشر الولايات المتحدة أسلحة نووية على أراضيها، في إطار تأمين الجناح الشرقي لحلف الناتو وتنفيذ سياسة مشتركة. وفي 17 مارس 2024 دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عدم الخوف من تهديدات روسيا النووية، مشيراً إلى أنها قوة متوسطة بأسلحة نووية وليست قوة عظمى. وأكد في 24 أبريل 2024 على أن قدرات بلاده النووية مستعدة للمساهمة في الردع النووي والدفاع عن أوروبا. بينما تبنت بريطانيا وجهة نظر مخالفة لفرنسا، بنشرها تقريراً حكومياً في 26 مارس 2024 حول مستقبل الردع النووي البريطاني، وتضمن التقرير تأكيداً بأن التهديد النووي متزايد في ظل سعي روسيا للحديث عن استخدام السلاح النووي.أمن دولي ـ ما احتمالية المواجهة النووية بين روسيا والناتو؟

ردود فعل الأحزاب على التهديدات النووية

مواقف الأحزاب الأوروبية من الردع النووي لم تتوافق مع تصريحات المسؤولين، وفي 3 فبراير 2024 اعترض زعيم حزب “الوطنيون” الفرنسي فلوريان فيليبو على مقترح وضع السلاح النووي الفرنسي في خدمة أوروبا، محذراً من جر فرنسا لحرب نووية مع روسيا. وتجدد الموقف من جانب المعارضة الفرنسية في 29 أبريل 2024، وأكد سياسيون من أحزاب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف و”الجمهوريون” اليميني التقليدي و”فرنسا المتمردة” رفضهم لمقترح تقاسم فرنسا الردع النووي مع الشركاء الأوروبيين. بينما دعم حزب “الحركة الديمقراطية” الوسطي المقترح الفرنسي، كون التهديد الروسي النووي خطراً على أوروبا وفرنسا معاً.

أثارت فكرة تأسيس مظلة نووية أوروبية جدلاً بين الأحزاب الألمانية، وفي 16 فبراير 2024 أشارت العضو في الحزب الديمقراطي الاشتراكي كاتارينا بارلي، إلى إمكانية طرح إنشاء درع نووي أوروبي في النقاشات، واعترض وزير الخارجية السابق والعضو بحزب الخضر يوشكا فيشر، على أن تمتلك ألمانيا سلاحاً نووياً. ولم يختلف المشهد في بريطانيا مع اقتراب الانتخابات العامة، وتعهد زعيم المعارضة البريطانية كير ستارمر في 3 يونيو 2024، بحماية الترسانة النووية البريطانية، باعتبار أن قضية الدفاع نقطة خلافية بين حزبي المحافظين الحاكم والعمال من جانب وحزب الأمن القومي من جانب آخر، حول نزع السلاح النووي وتوجيه إدانة قاطعة لروسيا لتهديداتها النووية.

رد فعل الشارع الأوروبي تجاه الردع النووي

كشف استطلاع رأي في ألمانيا وهولندا حجم تغير مواقف الرأي العام نحو الأسلحة النووية في الفترة من سبتمبر 2020 إلى سبتمبر 2022، وأشار إلى زيادة عدد الألمان المقتنعين بالردع النووي ضد الهجمات النووية بنسبة (23%)، وزادت نسبة المشاركين الهولنديين بنحو (8%)، إضافة إلى أن نصف المشاركين من ألمانيا وهولندا باستطلاع الرأي مقتنعون بأن نشر السلاح النووي على أراضيهم يردع الهجمات النووية على دول الناتو. وأظهر مسح التتبع السنوي الذي يجريه الناتو في ديسمبر 2022، تأييد الرأي العام في السويد وبلغاريا والنرويج بنسبة أكثر من (50%) لفكرة التسلح النووي، وتأييد (30%) في ألمانيا وهولندا لزيادة الإنفاق على التسلح النووي، وفي سبتمبر 2023 أشارت مجلة الناتو إلى تصاعد فكرة الردع النووي بالمجتمع الأوروبي حتى بعد انتهاء الحرب الأوكرانية.

سرعان ما تغير الرأي العام بألمانيا، وفي 25 مارس 2023 ظهر توجه بين الألمان رافضاً للمشاركة في التصعيد النووي، على غرار الاحتجاجات التي شهدتها ألمانيا في 1980، رداً على نشر الاتحاد السوفيتي آنذاك والناتو أسلحة نووية. ويقول الباحث في شؤون الأمن الدولي في مركز “SWP” يوناس شنايدر، إن “الاختلافات في المواقف حول الردع النووي، يضع الغرب في مأزق”. وفي 9 أبريل 2023 خرجت مظاهرات في (60) مدينة ألمانية، احتجاجاً على توريد أسلحة لأوكرانيا، وانخراط ألمانيا في سباق التسلح النووي والتقليدي والابتعاد عن المفاوضات. وأكد المتظاهرون رفضهم لاقتراب خطر الحرب النووية أكثر من أي وقت مضى، ما يدفعهم لمعارضة دعم أوكرانيا عسكرياً.أمن دولي ـ الناتو، أهم التحديات التي ستواجه أمين عام الناتو المقبل

إجراءات أوروبية لمواجهة التهديد النووي

– جهزت فنلندا (9) ملاجئ تحسباً لأي حرب نووية، وتتسع لنحو (4) ملايين شخص.

– أطلقت السويد استراتيجية “دفاع شامل” تتضمن نظام إنذار لأي غارات جوية، وتوزيع كتيبات احترازية في حالة اللجوء للمخابئ.

– أعدت سويسرا مخابئ آمنة تحت الأبنية لمواجهة أي حرب نووية، وتصل إلى (350) ألف ملجأ جماعي.

– رصدت دول أوروبية تهافت الناس على شراء أقراص اليود في حالة تعرضهم لأي إشعاع نووي.

– رغم أن بريطانيا وفرنسا لم يستعدوا بتجهيز مخابئ، إلا أن الأولى خصصت (6.8) مليار دولار للتسلح النووي، وأنفقت الثانية (5.9) مليار دولار لتطوير أسلحتها النووي.

ما الدور الفرنسي في ظل هذه المخاوف؟

تعويل أوروبا على فرنسا لمواجهة التهديدات النووية، كونها القوة النووية الوحيدة بالاتحاد الأوروبي، ومساعي باريس لقيادة مشروع الدفاع الأوروبي وتحقيق الاستقلالية الاستراتيجية للتكتل، التي ظهرت عبر تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنه يمكن استخدام السلاح النووي في حال تعرض مصالح باريس لتهديد، ما يعني أن لهذه المصالح بعداً أوروبياً، تضع فرنسا في موقع المسؤولية. وتمتلك باريس (290) رأساً نووياً إضافة لنشر واشنطن صواريخ نووية تكتيكية على أراضيها تتحكم فيها قيادة الناتو، ولكن تظل فكرة بناء ردع نووي أوروبي محاطة بعقبات، لتباين الرؤى داخل الاتحاد حول إمكانية تنفيذها، وضعف التسلح النووي لأغلب الدول، والضغط الداخلي على فرنسا لمنع تنفيذ هذه الخطوة.

لماذا يتخوف الغرب من تهديدات روسيا؟

النهج الحذر: تتبنى أغلب دول الاتحاد سياسة محددة بشأن التسلح النووي، تخوفاً من إثارة غضب روسيا التي اعتادت التلويح بورقة النووي، كونه السيناريو الأكثر خطورة والتي تتفوق فيها على الغرب. وتتخوف دول غرب أوروبا مثل ألمانيا من التصعيد النووي، لذا تراعي حدود المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا وخطوات التسلح، الأمر الذي يجعل باقي الدول تشعر بعدم جاهزية القارة الأوربية لمواجهة أي حرب نووية.

القدرات النووية: تظل بريطانيا وفرنسا هما القوتان النوويتان في أوروبا، ولكن بالنظر إلى الترسانة النووية للدولتين والترسانة الروسية يظهر فارق شاسع، ما يتطلب وقتاً وأموالاً لتطوير قدراتهما النووية في توقيت تعاني الدولتان من أزمات سياسية واقتصادية.

دور الناتو: رغم أن أغلب دول التكتل تقتنع بأن الناتو هو الوحيد القادر على مواجهة أي تهديدات نووية، إلا أن الانقسام بداخله حول مسألة نشر أسلحة نووية جديدة بأوروبا، ومستقبله في حال فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، يثير الجدل حول دوره المستقبلي في حال نشوب حرب نووية.

الخطر النووي العالمي: ارتفاع التسليح النووي عالمياً بإنفاق الدول التسع التي تمتلك أسلحة نووية نحو (91) مليار دولار، وانسحاب روسيا من “معاهدة نيوستارت” مع الولايات المتحدة للحد من الأسلحة النووية، وتوقف المحادثات بين واشنطن وموسكو حول الحد من المخاطر النووية يزيد المخاوف الأوروبية من التهديد الروسي.أمن دولي ـ واقع واستعدادات روسيا بالردع النووي والردع المضاد ضد الناتو

تقييم وقراءة مستقبلية

– تعاني أوروبا من ضغوط غير معهودة منذ الحرب الباردة، تتعلق باستراتيجيتها الأمنية والردع النووي، خاصة وأن أغلب دولها لا تمتلك سلاحاً نووياً قادراً على التصدي لأي هجوم روسي نووي محتمل، ولدى بريطانيا وفرنسا فقط رؤوساً نووياً إضافة إلى أسلحة نووية تابعة لحلف الناتو، لذا تجد القارة الأوروبية نفسها في مأزق للرد على تهديدات روسيا النووية، وتبعات تصريحات الناتو الأخيرة المتعلقة بنشر مزيد من الأسلحة النووية لردع روسيا والصين، ما يؤدي إلى تصاعد المخاوف بين الدول الأوروبية بشأن دخول الحرب الأوكرانية لمرحلة الصراع النووي.

– تعد ألمانيا نموذجاً لصعوبة تغيير استراتيجية التسلح النووي، إذ تصبح احتمالية امتلاكها سلاحاً نووياً فرضية بعيدة، بعد عقود من قيادة العالم لمعاهدات عدم انتشار الأسلحة النووية، والانقسام الداخلي حول اتباع سياسة الردع النووي، والانتقال من المعاهدات السابقة نحو التسلح النووي، ما يمثل مؤشرا خطيرا على الأمن والسلم الدوليين، وربما يثير غضب روسيا ويدفعها لنشر مزيداً من الأسلحة النووية التكتيكية على الحدود مع جيرانها الأوروبيين.

– يظل وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض وتأثيره على دور الناتو الدفاعي معضلة أمام أوروبا، فأي دولة بالناتو تتولى زمام الأمور وتقود المظلة النووية بدلاً من الولايات المتحدة في حال نشوب أي صراع مع روسيا؟. فبريطانيا لا تمتلك القدرة المالية الكافية لإعادة تحديث ترسانتها النووية، إضافة إلى وجود تشكيك في قدرة فرنسا على هذه المهمة لاعتبارات تتعلق بالداخل الفرنسي بعد فوز اليمين الشعبوي في انتخابات أوروبا 2024.

– إجراءات بعض دول أوروبا الشرقية على مواجهة أي حرب نووية محتملة، يشير إلى اقتناعها بإمكانية تحول التهديدات النووية الروسية إلى حقيقة، في ضوء طول أمد الحرب وتصعيد الغرب من لهجته ضد روسيا بشأن الردع النووي، واستمرار دعمه العسكري لأوكرانيا، ونظراً لعدم امتلاكها أي أسلحة نووية، فهي تعد الدول الأكثر تشجيعاً لقيادة فرنسا وبريطانيا لأوروبا في الردع النووي، ولنشر الناتو مزيد من الأسلحة التكتيكية بأوروبا.

-الخلاف بين المعارضة والحكومات الأوروبية، حول أهمية الردع النووي واتخاذ خطوات بشأنه، دليل على اتساع الفجوة بالداخل الأوروبي حول القضايا الشائكة والتي تهدد أمن القارة، لذا قوبل مقترح ماكرون بانتقادات واسعة من المعارضة بشأن المظلة النووية الأوروبية، الأمر الذي يمثل نقطة ضعف لأوروبا لتأسيس قوة ردع نووية مشتركة، ما يتطلب من دول الاتحاد بجانب بريطانيا إعادة مناقشة المسألة لتهدئة المخاوف من التهديد الروسي القائم.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=94863

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

The Norwegian MoD Believes the Russian Nuclear Threat to Be Real

https://bit.ly/3RuQSUO

قدرات فرنسا النووية في ميزان “الردع الأوروبي”

https://bit.ly/45srhBK

“العالم تغير”.. جدل واسع حول إنشاء درع نووي أوروبي!

https://bit.ly/3RvgxwC

EU Policy. Putin fosters nuclear fear as fifth term starts

https://bit.ly/45oOxjL

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...