الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن فرنسا ـ الدوافع والأسباب لتصعيد الإنفاق العسكري والتسلح؟

مكافحة الإرهاب في فرنسا
يوليو 03, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (27)

تشهد فرنسا، كغيرها من الدول الكبرى، تصاعدًا ملحوظًا في التسلح والإنفاق العسكري خلال السنوات الأخيرة، يرجع هذا التصاعد إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، بعضها داخلي وبعضها خارجي، تتطلب تحليلًا دقيقًا لفهم دوافعه وأسبابه. وتُعدّ صناعة الدفاع الفرنسية من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، حيث توفر آلاف الوظائف وتُساهم في الناتج المحلي الإجمالي. تسعى الحكومة الفرنسية إلى دعم هذه الصناعة من خلال زيادة الطلبات على المعدات العسكرية، مما يُحفز الإنفاق على التسلح، وقد ألقت الحرب ظلالها على أوروبا، مما أدى إلى شعور فرنسا بضرورة تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة أي تهديدات محتملة، خاصة من جانب روسيا.

ما أسباب زيادة التسلح في فرنسا؟

تشهد الساحة الدولية توترات جيوسياسية متزايدة، خاصةً بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، تُلقي هذه التوترات بظلالها على فرنسا، التي تُعدّ عضوًا فاعلًا في حلف الناتو، مما يدفعها إلى تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة أي تهديدات محتملة. وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم مخاوف فرنسا الأمنية، خاصةً مع احتمال امتداد الصراع إلى الدول المجاورة. دفع ذلك فرنسا إلى زيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير لتحديث جيشها وتعزيز قدراته على الردع. كذلك تُواكب فرنسا عن كثب التطورات التكنولوجية في مجال التسليح، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة ذاتية التشغيل. تتطلب هذه التطورات استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، مما يُساهم في زيادة الإنفاق الدفاعي.

تسعى فرنسا إلى الحفاظ على مكانتها كقوة عسكرية عالمية رائدة، خاصةً بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. يتطلب ذلك تحديث معداتها العسكرية والاستثمار في أبحاث وتطوير تكنولوجيات عسكرية جديدة، مما يُترجم إلى زيادة الإنفاق الدفاعي. تواجه فرنسا العديد من التحديات الأمنية الداخلية والخارجية، بما في ذلك التهديدات الإرهابية، والنزاعات الإقليمية، وجرائم الإنترنت، والهجرة غير الشرعية. تُشكل هذه التحديات ضغوطًا على الحكومة الفرنسية لتعزيز قدراتها الدفاعية، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على التسلح. في الوقت ذاته يُشكل تصاعد التسلح والإنفاق العسكري عبئًا ماليًا كبيرًا على الحكومة الفرنسية، حيث يُمكن أن يُؤثّر على تمويل مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعي.أمن دولي ـ استراتيجية فرنسا الجديدة في المحيط الهندي والهادئ

ما هو موقف الأحزاب والقوى السياسية؟

تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية في يونيو 2023 مشروع قانون البرمجة العسكرية (2024-2030)، الذي شهد زيادة غير مسبوقة في الميزانية، لتبلغ 413 مليار يورو على مدى 7 أعوام. الهدف المعلن هو “تطوير وإصلاح المنظومة الدفاعية التي تعاني ضررا”. وبحسب الميزانية العسكرية الجديدة، من المفترض أن يبلغ الإنفاق العسكري السنوي 69 مليار يورو بحلول 2030 مقابل 32 مليار يورو فقط في 2017. كذلك دفع الرئيس إيمانويل ماكرون في يوليو 2023باتجاه زيادة الميزانية، والتي ستنفق 413 مليار يورو (450 مليار دولار)، وهي أكبر زيادة في الإنفاق منذ نصف قرن. ستستخدم الأموال في تحديث الترسانة النووية الفرنسية، وزيادة الإنفاق الاستخباراتي، وتطوير المزيد من الأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بعد.

وحصل مشروع القانون على الموافقة النهائية من الجمعية الوطنية المنقسمة، مجلس النواب،  بأغلبية 244 صوتا مقابل 37، كما وافق عليه مجلس الشيوخ الذي يقوده المحافظون بأغلبية 313 صوتا مقابل 17. وتتضمن الخطة العسكرية الجديدة مضاعفة عدد قوات الاحتياط العسكرية وتعزيز الدفاع السيبراني، فضلا عن زيادة القدرة على إنتاج الأسلحة لمساعدة أوكرانيا والحفاظ على إمدادات كافية للجيش الفرنسي.وتتعلق التطلعات على الانتخابات البرلمانية التي تجري في البلاد خلال شهر يوليو 2024، من أجل رسم ملامح السياسات العامة والخارجية للدولة، وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب التجمع الوطني بفارق مريح بنسبة 33-36 بالمئة من الأصوات، بينما يأتي تحالف الجبهة الشعبية الجديدة المنتمي لليسار، الذي تم تشكيله على عجل، في المركز الثاني بنسبة 28-31 بالمئة. ويحل تحالف ماكرون المنتمي لتيار الوسط ثالثا بنسبة 20-23 بالمئة.أمن دولي ـ التنافس بين فرنسا وروسيا، ديناميكية دفاعية أمنية قوية

كيف تقيم أوروبا تهديدات روسيا بتوسيع هجماتها؟

تشعر العديد من دول أوروبا بالقلق من احتمال توسيع روسيا لعملياتها داخل أوروبا، خاصة بعد حرب أوكرانيا في عام 2022. وتخشى دول أوروبا من أن تشن روسيا هجمات عسكرية على دول أخرى في أوروبا الشرقية، خاصة الدول المجاورة لروسيا أو الأعضاء في حلف الناتو. وتستند هذه المخاوف إلى سلوك روسيا السابق، مثل ضم شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. أيضا تخشى دول أوروبا من أن تتدخل روسيا في شؤونها الداخلية من خلال حملات التضليل الإعلامي والهجمات الإلكترونية والتدخل في الانتخابات. وقد أظهرت روسيا بالفعل استعدادها لاستخدام هذه الأساليب في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتعتمد العديد من دول أوروبا على روسيا في الحصول على إمدادات الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي.

تخشى هذه الدول من أن تستخدم روسيا إمدادات الطاقة كسلاح للضغط عليها أو معاقبتها. وقد أدت الحرب في أوكرانيا بالفعل إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، مما تسبب في صعوبات اقتصادية. تخشى دول أوروبا من أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى موجة جديدة من اللاجئين الذين يفرون من القتال. وقد استقبلت العديد من دول أوروبا الشرقية بالفعل ملايين اللاجئين من أوكرانيا، مما يمثل عبئًا كبيرًا على بنيتها التحتية ومواردها.أمن أوروبا ـ الأجندة الاستراتيجية، الأمن والدفاع

كيف ترد دول أوروبا على هذه المخاوف؟

تعمل دول أوروبا على تعزيز الردع العسكري: زادت دول الناتو من وجودها العسكري في أوروبا الشرقية، وأجرت مناورات عسكرية مشتركة، وعززت قدراتها الدفاعية. فرض عقوبات على روسيا: فرضت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا في محاولة للضغط عليها لسحب قواتها من أوكرانيا وإنهاء عدوانها. دعم أوكرانيا: تقدم دول أوروبا مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية لأوكرانيا لمساعدتها على مقاومة روسيا. تعزيز التعاون في مجال الطاقة: تعمل دول أوروبا على تقليل اعتمادها على إمدادات الطاقة من روسيا من خلال البحث عن مصادر طاقة بديلة وتحسين كفاءة الطاقة. دعم اللاجئين: تقدم دول أوروبا المساعدة للاجئين من أوكرانيا من خلال توفير المأوى والغذاء والرعاية الطبية.

أعلن وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو في فبراير 2024 أن فرنسا ستحقق هدف حلف شمال الأطلسي بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2024، وهو ما يحقق الهدف قبل الموعد المتوقع في السابق. وتعمل باريس على زيادة الإنفاق بشكل كبير. وأضاف أن فرنسا أنفقت في عام 2017 30 مليار يورو على جيشها لكنها “ستصل في نهاية المطاف إلى 69 مليار يورو، وهو ما يسمح لي بتأكيد أن فرنسا ستحقق هدف الـ 2 في المائة الذي حدده حلف شمال الأطلسي هذا العام”. اجتماع الوزراء في بروكسل. ويرى خبير الأمن الفرنسي جوسلين دروف أن الإعلان عن خطة الدفاع الصاروخي 2024-2030 (بميزانية 413 مليار يورو) في يناير 2023، كانت بمثابة عودة إلى التزام مماثل لالتزام “الجوليين في الستينيات”، وفقًا لسيباستيان ليكورنو .

سيتم تعزيز الردع النووي، بصواريخ جديدة وجيل ثالث من الغواصات النووية المزودة بصواريخ باليستية. ويهدف هذا البرنامج إلى تحويل القوات المسلحة لتكييفها مع ظهور تهديدات جديدة: “ستلتزم فرنسا بشكل أكبر بمجالات مثل الفضاء الإلكتروني، والفضاء، والاستخبارات، والدفاع الجوي الأرضي من الجيل الجديد والطائرات بدون طيار. وتمثل هذه المجالات وحدها عشرات المليارات من اليورو بين عامي 2024 و2030 .وفي الوقت نفسه، تعتزم السلطة التنفيذية تعزيز الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا من أجل حمل المزيد من الوزن داخل حلف شمال الأطلسي، مع تحقيق وفورات الحجم.

صعود اليمين المتطرف هل يهدد الناتو؟

حصل حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف على المركز الأول مع تقديرات تصل إلى ٣٤٪؜ من أصوات الناخبين مع احتمال حصوله على ما بين ٢٣٠ إلى ٢٨٠ مقعد في البرلمان (الأغلبية المطلقة ٢٨٩ مقعد) في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 1 يوليو 2024، ما يثير قلق حول التحالفات الفرنسية، وتوترات مع حلف الناتو. في المقابل أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، 28 يونيو 2024، أن الحلف بتاريخه المضطرب الممتد 75 عاماً، قادر على مواجهة أي احتمال بما في ذلك الانتخابات في فرنسا أو الولايات المتحدة. ويثير  تشكيل حكومة من اليمين المتطرف في فرنسا بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي تجري دورتها الأولى، في يوليو 2024، يثير القلق في أوساط بعض قادة الناتو والاتحاد الأوروبي. لكن وفقاً لينس ستولتنبرغ، فإن التقلبات السياسية التي شهدها الحلف منذ تأسيسه عام 1949 جعلته أكثر متانة.

تقييم وقراءة مستقبلية

من المتوقع أن يستمر تصاعد التسلح والإنفاق العسكري في فرنسا خلال السنوات القادمة، مدفوعًا بالعوامل الداخلية والخارجية خاصة التهديدات الروسية. ومع ذلك، هناك بعض الأصوات التي تُطالب بإعادة النظر في هذه السياسة والتركيز على حلول دبلوماسية للتهديدات الأمنية، مع الاستثمار في مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية.

تُشكل تهديدات روسيا بتوسيع عملياتها داخل أوروبا مصدر قلق كبير لدول أوروبا. وتقوم دول أوروبا باتخاذ خطوات للتصدي لهذه التهديدات، بما في ذلك تعزيز الردع العسكري وفرض عقوبات على روسيا ودعم أوكرانيا وتعزيز التعاون في مجال الطاقة ودعم اللاجئين.

تُعدّ فرنسا عضوًا مؤسسًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد تعهدت الدول الأعضاء في الحلف بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024. تسعى فرنسا جاهدة للوفاء بهذا التعهد، مما يساهم في زيادة الإنفاق العسكري.

تُواجه القوات المسلحة الفرنسية الحاجة إلى تحديث معداتها وقدراتها، خاصة بعد عقود من التخفيضات في الإنفاق الدفاعي. تتطلب عملية التحديث هذه استثمارات كبيرة في مجالات مثل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والمركبات المدرعة.

يُلقي ازدياد الإنفاق العسكري بثقله على ميزانية الدولة الفرنسية، مما قد يؤثر على برامج أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم، ويُثير بعض الخبراء قلقهم من أن يؤدي التركيز على الإنفاق العسكري إلى إهمال الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، لكن على الصعيد الإيجابي، يُساهم زيادة الإنفاق العسكري في خلق فرص عمل ودعم الصناعة الدفاعية الوطنية، كما يعزز قدرات فرنسا الدفاعية ويُمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها.

إنّ تغيير السياسة الدفاعية ورفع الإنفاق العسكري في أوروبا لن يكون بالأمر السهل، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار العقيدة الدفاعية القديمة التي اتبعتها الدول الأوروبية منذ انتهاء الحرب الباردة. لقد تمسّكت الدول الأوروبية بهذه العقيدة لثلاثين عامًا، ممّا يعني أنّ أخطاءها قد تطلب سنوات لإصلاحها.

يتطلب التغيير تدريب الجيوش على أحدث الأسلحة، وشراء أسلحة نوعية، وتقوية صناعة الأسلحة، ودمج التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات العسكرية. إنّ كل هذه الخطوات تتطلب استثمارات ضخمة، ممّا قد يُشكل عبئًا على ميزانيات الدول الأوروبية.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=94960

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

هوامش

WAR ECONOMY: HOW IS FRANCE ADAPTING TO HIGH INTENSITY?

https://bit.ly/45Pc917

Record high European defence spending boosted by procurement of new equipment

https://bit.ly/3xFebEy

Global military spending surges amid war, rising tensions and insecurity

https://bit.ly/4cu5zju

France’s defense budget paradox: More money, fewer purchases

https://bit.ly/3zqqB3F

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...