الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

اللجوء والهجرة غير الشرعية في الاتحاد الأوروبي وتداخلها مع التطرف والإرهاب (ملف)

سبتمبر 17, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات 

يتناول الملف بالعرض والتحليل واقع الهجرة غير الشرعية واللجوء في دول الاتحاد الأوروبي ، والتطرق إلى أبرز السياسيات والتدابير الذي اتخذها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة غير الشرعية، من ضمنها سياسة الترحيل القسري ، كما يستعرض الملف تداخل ملف اللجوء والهجرة الغير شرعية مع التطرف والارهاب في أوروبا. ويركز الملف في تحليله على المحاور التالية:

  1. اللجوء والهجرة غير الشرعية داخل الاتحاد الأوروبي ـ السياسات والتدابير
  2. الهجرة غير الشرعية واللجوء وتداخلها مع التطرف والإرهاب
  3. اللجوء والهجرة غير الشرعية ـ الترحيل القسري في دول الاتحاد الأوروبي
  4. اللجوء والهجرة غير الشرعية ـ تشريعات وتدابير الاتحاد الأوروبي

1ـ اللجوء والهجرة غير الشرعية داخل الاتحاد الأوروبي ـ السياسات والتدابير

اعتمدت المفوضية الأوروبية خطة استراتيجية، لتطبيق قواعد الهجرة واللجوء الجديدة. وتساعد الاستراتيجية الجديد الدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوروبي على تطبيق القواعد خلال العام 2026، عبر الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة الهجرة والأمن. كما تتبنى الدول الأوروبية سياسات متنوعة لمواجهة أزمة الهجرة، تشمل تحسين التعاون مع الدول المصدرة للمهاجرين ومبادرات لتشديد الرقابة على الحدود، وتعزيز عمليات إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

ارتفاع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا

أظهرت بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرابع من سبتمبر 2024 أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا ارتفع مرة أخرى في عام 2023. يظل السوريون والأفغان أكبر مجموعتين من طالبي اللجوء، كما كان الحال منذ عدة سنوات، ووفقا للبيانات قدم (209) آلاف و(155) ألف طلب على التوالي بحلول نهاية عام 2023. تعمل البلدان في جميع أنحاء أوروبا على تشديد تدابير الأمن استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن الهجرة غير الشرعية، وقد أثار الهجوم في “زولينغن”، توترات سياسية بشأن سياسات اللجوء والترحيل. مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ واقع أجهزة الأمن و استراتيجية داعش الجديدة

استراتيجية المفوضية الأوروبية لتطبيق قواعد الهجرة واللجوء

نشرت المفوضية الأوروبية خطة استراتيجية تتكون من (10) أجزاء في 12 يونيو 2024، لتطبيق قواعد الهجرة واللجوء الجديدة. تساعد الاستراتيجية الدول الأعضاء على تطبيق القواعد خلال العام 2026. يخضع لعمليات الفحص على الحدود مقدمو طلب اللجوء القادمين من دول بها معدل اعتراف باللجوء من الاتحاد الأوروبي أقل من (20%)، وكذلك الدول التي يتم اعتبار أنها تشكل خطراً على الأمن العام. يسجل الوافدين إلى دول الاتحاد ببصمات الأصابع والصور من أجل الفحص واكتشاف من يشكلون تهديدات للأمن العام.

اعتمدت المفوضية الأوروبية نظام لتكنولوجيا المعلومات يسمى “يوروداك”، لتخزين ومعالجة بيانات الأشخاص الذين يطلبون اللجوء لمراقبة المتقدمين بشكل أفضل. فضلا عن توسيع دور منسق العودة في الاتحاد الأوروبي، وهو منصب استحدثته المفوضية عام 2022، ليلعب دوراً في تحويل إجراءات الترحيل في التكتل إلى إجراءات مركزية وذلك لضمان فعالية الإجراءات.

تريد (15) دولة من دول الاتحاد الأوروبي الذهاب إلى ماهو أبعد من اتفاقية الهجرة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي خلال العام 2024 والتي تتمحور حول تشديد الرقابة على الهجرة في أوروبا. وتدعو هذه الدول المفوضية الأوروبية إلى “تحديد وتطوير واقتراح وسائل وحلول جديدة لمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا”.

تقليل المزايا التي يحصل عليها “لاجئو دبلن”

تنص لائحة دبلن على أن مسؤولية معالجة إجراءات اللجوء لشخص ما موجود في دولة من دول الاتحاد الأوروبي تنتقل إلى دولة أخرى داخل التكتل إذا كان هذا الشخص تقدم بطلب لجوء في هذه الدولة الأخرى أو دخل أراضيها أولا، على أن يتم الترحيل إلى تلك الدولة خلال (6) أشهر مع إمكانية تمديد المهلة فقط في حالات استثنائية. وفي حال لم يتم التمكن من ترحيل طالب اللجوء إلى الدولة الأخرى المسؤولة وفقا لاتفاقية دبلن، فإنه يصبح تحت اختصاص الدولة الموجود بها ومن ثم يمكنه التقدم بطلب لجوء فيها. وضمن ما أطلق عليه “الحزمة الأمنية” التي قدمها الائتلاف الحاكم في ألمانيا، يريد الائتلاف تقليل المزايا التي يحصل عليها “لاجئو دبلن” إلى الصفر في كثير من الحالات نتيجة للهجوم في “زولينغين”.

إجراء إصلاحات على بنود قانون حدود “شنغن”

بدأت المفوضية الأوروبية في الأول من مايو 2024 بإجراء إصلاحات على بنود قانون حدود شنغن (SBC) بسبب ما وصفته بالتحديات والتهديدات الإرهابية التي طرأت في السنوات الأخيرة والتي كان يجب التعامل معها. عندما تمت صياغة اتفاقية شنغن عام 2006، لم تتوقع الدول الأوروبية أنها ستحتاج إلى بنود قانونية للسيطرة على الحدود الداخلية لوقف الهجرة غير النظامية وتسلل المتطرفين من خلالها . البنود الجديدة ضمن القانون مصممة بصيغة كفيلة بمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود من خلال السماح للشرطة للقيام بعمليات تفتيش، وأيضا تطبيق بنود اتفاقيات تسمح بإعادة المهاجر غير القانوني الذي يتم القبض عليه من على الحدود، حيث سيكون تطبيق هذه القواعد والقوانين في يد السلطات الوطنية.

فرونتكس تستجيب لطلبات أعضاء الاتحاد لتعزيز حماية الحدود

خصصت وكالة “فرونتكس” نحو (400) مليون يورو لشراء طائرات بدون طيار وغيرها من تقنيات المراقبة المتطورة في 22 أغسطس 2024 وشملت هذه دعوة للحصول على طائرات بدون طيار والخدمات المرتبطة بها للمراقبة البحرية بقيمة (184) مليون يورو، ودعوة للحصول على معدات مراقبة بما في ذلك نظارات للرؤية الليلية بقيمة (19) مليون يورو، ودعوة لخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بقيمة (186.5) مليون يورو، بالإضافة إلى مشروع تجريبي بقيمة (3) ملايين يورو للطائرات بدون طيار على الحدود البرية للعمليات المشتركة مع بلغاريا. وذلك استجابة لطلبات أعضاء الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتعزيز حماية الحدود .

تعهدت مفوضة الشؤون الداخلية “إيلفا جوهانسون “بتشديد نظام التأشيرات في الاتحاد الأوروبي، وفتح باب استقبال مناقصات بقيمة (150) مليون يورو لمقترحات بشأن “قدرة مراقبة الحدود” في الاتحاد الأوروبي. كما وقعت صربيا ووكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس” اتفاقاً لتعزيز إدارة الحدود والحد من المهاجرين غير النظاميين في 26 يونيو 2024. يهدف الاتفاق إلى تعزيز “التعاون العملياتي” بين الاتحاد الأوروبي والدولة الواقعة على طريق البلقان، والتي تشكل منذ فترة طويلة نقطة عبور للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي. كذلك شن عمليات مشتركة ونشر ضباط من حرس الحدود وحرس السواحل الأوروبية على أراضي صربيا، بما في ذلك على حدودها مع الدول المجاورة من خارج الاتحاد الأوروبي. إستراتيجية أمن ألمانيا .. وتحديات الأمن القومي. بقلم جاسم محمد

ألمانيا تعتمد سياسات صارمة للهجرة والأمن

أعلنت الحكومة الألمانية عن سياسات صارمة للهجرة والأمن في أغسطس 2024 بعد هجوم “زولينغن”، تشمل السياسات تسهيل عمليات الترحيل، وإبرام اتفاقيات هجرة مع دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي بشأن قبول اللاجئين. كذلك عدم تقديم الدعم المالي لطالبي اللجوء في ألمانيا إذا كانت دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي مسؤولة قانونًا عنهم بموجب لائحة “دبلن” الأوروبية، فضلا عن زيادة عدد الأشخاص الذين تتم إعادتهم إلى دولة الاتحاد الأوروبي المسؤولة عنهم.

حذر الباحث النمساوي في الهجرة “جيرالد كناوس” من العواقب المحتملة لرفض ألمانيا للمهاجرين عند حدودها. وأضاف “إن تعليق قانون الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة قنبلة نووية، وسيؤدي إلى قيام العديد من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي باتباع نفس النهج”. وأضاف، مع ذلك، أنه لا يزال من المهم القيام بشيء ما بشأن الهجرة غير المصرح بها. “إن الطريقة للقيام بذلك ليست محاولة دفع الناس ذهابا وإيابا بين دول الاتحاد الأوروبي، بل الحد من الهجرة غير المصرح بها إلى الاتحاد الأوروبي”. على سبيل المثال، من خلال نقل إجراءات اللجوء إلى دول ثالثة آمنة خارج الاتحاد الأوروبي.

إصلاح جذري لسياسات الهجرة في فرنسا

​​​​تعد فرنسا من بين الدول التي تدفع باتجاه إصلاح جذري لسياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي، وهو الإصلاح الذي من شأنه أن يسهل عمليات إعادة الأجانب الذين لديهم سجلات جنائية بشكل أسرع، ويجعل من الإلزامي على دول الاتحاد الأوروبي إعادة غير الأوروبيين الذين يشكلون خطراً أمنياً على الفور، من بين تغييرات أخرى.

لا يزال قانون الهجرة الفرنسي والذي أقره البرلمان، ينتظر درسه من جانب المجلس الدستوري قبل إصداره. وينص خصوصا على طرد الأجانب من مرتكبي الجنح من أصحاب الأوضاع النظامية، حتى لو كانوا قد وصلوا إلى فرنسا قبل أن يبلغوا عامهم الثالث عشر وحتى لو كان شريكهم فرنسيا. وتشير الاحصائيات في الخامس من يناير 2024 إلى زيادة عدد “الأجانب من مرتكبي الجنح” الذين طردوا من فرنسا في 2023 بنسبة (30%) مقارنة بعام 2022 وبلغ (4686) شخصا، وأبرز المناطق التي طرد إليها هؤلاء هي المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء ووسط أوروبا.

مشروع قانون جديد يوسع صلاحيات “فرونتكس” في بلجيكا

اعتمد البرلمان البلجيكي في الخامس من مايو 2024 مشروع قانون جديد يوسع صلاحيات وكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس”، ويسمح لموظفي الوكالة للتدخل في مراقبة الحدود البلجيكية. بموجب القانون الجديد سيسمح بإجراء عمليات تفتيش في المطارات والموانئ ومحطة “بروكسل” ومحطة “يوروستار” وعلى الحدود الخارجية لمنطقة “شنغن”، خاصة فيما يتعلق بالحدود المشتركة مع بريطانيا، التي لا تعد جزأً من منطقة “شنغن” منذ مغادرتها الاتحاد الأوروبي. وتضمن بنوداً من بينها تدخل “فرونتكس” بحضور ضباط الشرطة البلجيكية وتحت سلطتهم، مع تحديد عدد “الوكلاء الفاعلين” على الأراضي البلجيكية بما لا يتجاوز (100) موظف فقط. مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ واقع تهديدات الجماعات الإسلاموية المتطرفة

إيطاليا تكثف من عمليات تفتيش الحدود

أصدر الاتحاد الأوروبي تقريرا في يناير 2024 بشأن الضوابط الجديدة للهجرة،حيث أن العديد من البلدان تعتقد أن عمليات تفتيش الحدود ضرورية لوقف “تسلل” الإرهابيين من الشرق الأوسط الذين يتظاهرون بأنهم مهاجرون، والضغوط المتزايدة على مراكز استقبال اللاجئين المكتظة. فعلى سبيل المثال، عززت إيطاليا عمليات تفتيش الحدود مع جارتها سلوفينيا.

رحلت السلطات الإيطالية في الأول من سبتمبر 2024 الرجل المغربي البالغ من العمر 35 عامًا حيث كان بالفعل تحت مراقبة وحدة مكافحة الإرهاب في البلاد بعد هجوم بسكين نفذه في فرنسا بعد أن رفضت سلطات الهجرة تجديد تصريح إقامته. وفي يونيو 2024، وافقت محكمة استئناف “بريشيا” على ترحيل رجلا بسبب العديد من الجرائم الإلكترونية، وفي عام 2020، تم طرد إمام مغربي بسبب دعمه لتنظيم “داعش”.

الوجه الإيجابي للهجرة الشرعية في أوروبا

يُقدِّم المهاجرون إسهامًا بالغ الأهمية في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أوروبا، فعلى سبيل المثال في ألمانيا تجتذب الحاجة المتنامية للكوادر المتخصصة بشكلٍ متزايد الأشخاصَ المؤهلين تأهيلاً جيدًا من الخارج. وتتطلَّع الحكومة الاتحادية إلى تمكين المزيد من الهجرة، وكذلك لمواجهة النقص في الكوادر المتخصصة الناتج عن التغيير الديموغرافي. استكمالاً للتنشيط المتزايد للقدرات المحلية للعمال والهجرة من دول الاتحاد الأوروبي، ترى الحكومة الاتحادية أيضا في هجرة الكوادر المتخصصة من البلدان الأخرى وسيلةً لمواجهة التطوُّر الديموغرافي وإسهامًا في تأمين الكوادر المتخصصة. وتسعى ألمانيا بالإضافة إلى ذلك إلى تسريع إصدار التأشيرات ورقمتنها بشكلٍ أكبر، ويساهم أكثرُ من (22) مليون شخصٍ من أصولٍ مهاجرة إسهامًا مهمًا في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية للبلاد.

**

2ـ الهجرة غير الشرعية واللجوء وتداخلها مع التطرف والإرهاب

الهجرة غير الشرعية أصبحت واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه دول العالم، خاصة الدول الأوروبية. تزداد معاناة الدول المستقبلة للمهاجرين غير الشرعيين في أوروبا بسبب تدفقهم من شمال إفريقيا وتركيا عبر البحر والطرق البرية. في حين أن العديد من المهاجرين يفرون من الفقر أو الاضطهاد بحثًا عن حياة أفضل، فإن هناك تهديدًا متزايدًا بأن تستغل الجماعات المتطرفة هذه الهجرة غير الشرعية للتسلل إلى أوروبا، مما يساهم في تعزيز الإرهاب والتطرف داخل المجتمعات الأوروبية. هذه الظاهرة المثيرة للقلق أصبحت محل بحث وتحليل معمقين في السنوات الأخيرة، حيث تبين أن العديد من المتورطين في العمليات الجنائية والتطرف والإرهاب هم من المرفوضة طلبات لجوئهم.

تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا عبر البحر

تعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط أحد أبرز الطرق التي يسلكها المهاجرون غير الشرعيون للوصول إلى أوروبا. تنطلق القوارب من دول شمال إفريقيا مثل ليبيا وتونس والمغرب، باتجاه سواحل إيطاليا وإسبانيا واليونان. هذا الطريق البحري محفوف بالمخاطر، حيث يفقد آلاف المهاجرين حياتهم في عرض البحر سنويًا بسبب الظروف السيئة للسفر وازدحام القوارب. تسهم الفوضى السياسية في بعض دول شمال إفريقيا مثل ليبيا في تفاقم الظاهرة، حيث تعتبر هذه الدول نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين. ومن ناحية أخرى، تستخدم تركيا كبوابة لعبور المهاجرين غير الشرعيين إلى اليونان عبر بحر إيجه. رغم الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للحد من تدفق المهاجرين، إلا أن آلاف المهاجرين لا يزالون يتسللون إلى أوروبا عبر الحدود التركية-اليونانية. هؤلاء المهاجرون لا يتوقفون عند اليونان، بل يسلكون الطرق البرية عبر بلغاريا والبلقان وصولاً إلى النمسا وألمانيا، حيث يسعون لطلب اللجوء أو البحث عن فرص اقتصادية.

شهد عام 2015 عدد المعابر الحدودية غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي زيادة كبيرة. ووفقًا لبيانات فرونتكس، وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، كان هناك أكثر من 1.8 مليون معبر حدودي غير نظامي، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق. ومنذ ذلك الحين، انخفض عدد المعابر الحدودية غير النظامية بشكل كبير. وفي عام 2023، دخل حوالي 355,300 شخص إلى الاتحاد الأوروبي بشكل غير نظامي ، وهو أعلى رقم منذ عام 2016.اللجوء والهجرة غير الشرعية داخل الاتحاد الأوروبي ـ السياسات والتدابير

تسلل العناصر المتطرفة عبر الهجرة

أحد الجوانب الخطيرة للهجرة غير الشرعية هو تسلل العناصر المتطرفة ضمن تيارات المهاجرين. على مر السنوات، استغلت الجماعات المتطرفة، وخاصة الإسلاموية منها، موجات الهجرة غير الشرعية لتسلل عناصرها إلى أوروبا بهدف تنفيذ عمليات إرهابية أو تشكيل شبكات دعم لوجستي وتمويل لأنشطتها. تعتبر الجماعات مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة وبعض الفصائل الإرهابية الأخرى الهجرة غير الشرعية فرصة ذهبية لنقل عناصرها إلى الغرب دون لفت الأنظار. في الكثير من الأحيان، يعمل المتطرفون على تزوير هوياتهم والانخراط في صفوف المهاجرين واللاجئين لتفادي كشفهم من قبل السلطات الأمنية. ويعتمدون في ذلك على ضعف الرقابة الأمنية في بعض المعابر الحدودية وضغط الأعداد الكبيرة للمهاجرين، مما يجعل من الصعب التمييز بين المهاجرين الفارين من النزاعات والعناصر المتطرفة التي تسعى للوصول إلى أوروبا لأغراض تخريبية.

الجماعات المتطرفة ليست فقط قادرة على استخدام الهجرة غير الشرعية كوسيلة للتسلل، ولكنها أيضًا تشجع الأفراد على الهجرة لدعم أهدافها. تدرك هذه الجماعات أن الظروف الصعبة التي يواجهها المهاجرون في أوروبا، سواء بسبب رفض طلبات لجوئهم أو بسبب التمييز العنصري والاقتصادي الذي يتعرضون له، يمكن أن تكون بيئة خصبة لتجنيد الشباب في أنشطة التطرف والإرهاب.  تستخدم الجماعات المتطرفة استراتيجيات عدة في هذا السياق، منها استغلال حالة الاغتراب والضياع التي يشعر بها المهاجرون الجدد في المجتمعات الأوروبية، وخاصة الشباب الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن تحقيق أحلامهم بالاندماج الاجتماعي والاقتصادي. هذه العوامل تجعلهم فريسة سهلة للدعاية المتطرفة التي تدعوهم إلى “الثأر” من الغرب الذي يعتبرونه سببًا في مآسيهم.سياسة اللجوء والهجرة، إلى أين تتجه ألمانيا بعد هجوم زولينغن؟

المتورطون في الإرهاب هم من المرفوضة طلباتهم

دراسة ظاهرة الإرهاب في أوروبا تشير إلى أن جزءًا كبيرًا من المتورطين في العمليات الإرهابية هم من المهاجرين أو طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم. هؤلاء الأفراد، الذين يشعرون بالإحباط واليأس بعد رفض لجوئهم، قد ينخرطون في أنشطة جنائية أو إرهابية كرد فعل على ما يرونه ظلمًا اجتماعيًا وسياسيًا. هذا الشعور بالظلم يدفع بعضهم إلى الانضمام إلى الجماعات المتطرفة، ليس بالضرورة لأسباب أيديولوجية، ولكن نتيجة لرغبتهم في الانتقام من الدول التي يرون أنها رفضتهم وتخلت عنهم. يمكن القول أن هذه الظاهرة تشكل خطرًا أمنيًا كبيرًا على أوروبا، حيث يساهم رفض طلبات اللجوء في خلق بيئة من العداء والتطرف بين بعض الأفراد. ومن ثم، يصبح هؤلاء الأفراد أهدافًا سهلة للتجنيد من قبل التنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى استغلال غضبهم لتحقيق أهدافها. على الرغم من أن تنظيم داعش والتنظيمات المشابهة تعتبر من أكبر المساهمين في نشر التطرف والإرهاب في أوروبا، إلا أن الواقع يشير إلى أن العديد من الأفراد الذين يتورطون في الإرهاب ليسوا بالضرورة مرتبطين بتلك التنظيمات من الناحية الأيديولوجية أو التنظيمية. البعض ينخرط في أعمال العنف والإرهاب بدافع شخصي، ناتج عن الشعور بالإحباط والعزلة، وليس بدافع أيديولوجي ديني.اللجوء والهجرة في ألمانيا مابين خطط الأحزاب السياسية و المحكمة الدستورية

قائمة بالعمليات الإرهابية التي نفذها مهاجرون غير شرعيين أو طالبي لجوء في أوروبا خلال الفترة من 2020 حتى 2024:

هجوم نيس (2020): قام مهاجر تونسي غير شرعي يُدعى إبراهيم العويساويبتنفيذ هجوم إرهابي داخل كنيسة “نوتردام” في نيس، فرنسا. استخدم العويساوي سكينًا لقتل ثلاثة أشخاص. المتهم: إبراهيم العويساوي، مهاجر تونسي غير شرعي وصل إلى أوروبا عبر إيطاليا قبل الهجوم بفترة قصيرة.

هجوم فيينا (2020): نفذ طالب لجوء نمساوي من أصول شيشانية هجومًا إرهابيًا باستخدام أسلحة نارية وسط العاصمة النمساوية فيينا. الهجوم وقع في عدة مواقع وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 23 آخرين.المتهم: مهاجر شيشاني، كان طالب لجوء سابقًا.

هجوم ريدينغ، بريطانيا (2020): قام طالب لجوء ليبي يُدعى *خيري سعد الله* بتنفيذ هجوم طعن في حديقة بوسط مدينة ريدينغ البريطانية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص. المهاجم كان قد دخل المملكة المتحدة طالبًا للجوء. المرتهم: خيري سعد الله، طالب لجوء مرفوض.

هجوم كنساس الألماني (2021): في مدينة فورتسبورغ الألمانية، قام طالب لجوء صومالي بطعن عدد من الأشخاص في أحد المتاجر، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين. المتهم: طالب لجوء صومالي.

هجوم نورمبرغ (2022): تم تنفيذ هجوم طعن جماعي في محطة قطار في نورمبرغ، ألمانيا، من قبل طالب لجوء سوري يبلغ من العمر 21 عامًا، حيث أصيب أربعة أشخاص بجروح خطيرة. المتهم: طالب لجوء سوري.

هجوم باريس (2023): نفذ مهاجر سوداني غير شرعي هجومًا بسكين في محطة قطارات باريس الشمالية، مما أدى إلى إصابة عدة أشخاص. التحقيقات أشارت إلى أن المهاجم كان يعاني من مشكلات نفسية، ولكن الهجوم تم تصنيفه كعمل إرهابي. المتهم: مهاجر سوداني غير شرعي.

هجوم ستوكهولم (2024): في أوائل 2024، قام مهاجر من أصول أفغانية بتنفيذ هجوم بسكين في سوق بوسط ستوكهولم، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين. المهاجم كان قد قدم طلبًا للجوء وتم رفضه قبل الهجوم.المتهم: طالب لجوء أفغاني مرفوض.

هجوم في بروكسل (2024): قام مهاجر غير شرعي من أصول شمال إفريقية بفتح النار في أحد المقاهي ببروكسل، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة عدة آخرين. السلطات البلجيكية أكدت أن المهاجم كان له صلات بشبكات إرهابية. المتهم: مهاجر غير شرعي من شمال إفريقيا.

هذه الأحداث توضح تزايد العمليات الإرهابية التي نفذها مهاجرون غير شرعيين أو طالبي لجوء في أوروبا خلال الفترة من 2020 إلى 2024، وتؤكد الحاجة إلى تعزيز الأمن ومراجعة سياسات الهجرة واللجوء في مواجهة هذه التحديات.

**

3- اللجوء والهجرة غير الشرعية ـ الترحيل القسري في دول الاتحاد الأوروبي

لقد أطلق الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن بلدان أوروبية فردية، خلال السنوات القليلة الماضية العديد من المبادرات لمنع طالبي اللجوء من البقاء على أراضيها ، ومن شأن ميثاق الهجرة الأخير للاتحاد الأوروبي ، الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي في  أبريل 2024، أن ينشئ نظام لجوء مشترك ويؤكد على تقاسم الأعباء بين الدول الأعضاء، ولكنه من شأنه أيضاً أن يقدم إجراءات صارمة لفحص طالبي اللجوء ، حيث تهدف الاتفاقية أيضًا إلى التعامل مع طلبات اللجوء في غضون إثني عشر أسبوعًا كحد أقصى. وفي حالة الرفض، سيتعين إعادة طالبي اللجوء قسرًا إلى بلدانهم الأصلية خلال نفس الفترة.

الإعادة والترحيل القسري

تقوم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بترحيل المهاجرين الذين لا يُسمح لهم بالبقاء في البلاد، وعادةً ما يتم ذلك بوضع عدد قليل من الأشخاص في كل مرة على متن رحلات منتظمة أو من خلال رحلات ترحيل مستأجرة محددة. وغالبًا ما تسبق هذه العملية فترة احتجاز.

ووفقاً لقانون اللجوء الأوروبي، فإنه لا يزال من الممكن منح الشخص الذي رُفِض طلبه رسميًا للحصول على الحماية الدولية الحق في البقاء في الدولة العضو إذا لم يكن العودة ممكنة، على سبيل المثال لأسباب فنية أو بسبب الوضع في بلد المنشأ. خلاف ذلك، يجب على الشخص الذي استنفد جميع السبل القانونية للبقاء في الاتحاد الأوروبي وتلقى قرار العودة من محكمة أو سلطة مختصة في دولة عضو أن يغادر أراضي الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ. وتشمل خيارات العودة:

– العودة الطوعية: عندما يختار الشخص سحب طلبه ويعود طواعية إلى بلد المنشأ أو يمتثل الشخص لقرار العودة ويمكنه تلقي الدعم من الدولة العضو، على سبيل المثال تغطية تكاليف السفر؛ والعودة

– العودة القسرية: عندما تعيد السلطات العامة للدولة العضو الشخص إلى بلد المنشأ أو بلد آخر حيث يمكن للشخص الإقامة بشكل قانوني.

لا تستطيع البلدان ترحيل الأشخاص إلا إذا كانت الدولة التي يتم ترحيلهم إليها تقبلهم. ولهذا السبب، أبرم الاتحاد الأوروبي و/أو الدول الأعضاء فيه “اتفاقيات إعادة القبول” مع دول ثالثة. الهجرة غير الشرعية واللجوء وتداخلها مع التطرف والإرهاب

زيادة معدلات الترحيل القسري في الاتحاد الأوروبي

قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية في الأول من يوليو 2024 أنه “في إطار خارطة طريق الإعادة الجديدة، يجري العمل لدعم الدول الأعضاء في تسريع عمليات الإعادة وتسهيل إعادة الدمج”.  وأضاف “الاستخدام المتكرر للاعتراف المتبادل بقرارات الإعادة يساعد أيضا في تسريع العملية”، في إشارة إلى الاتفاقيات بين دول الاتحاد الأوروبي والبلدان الأصلية للمهاجرين.

ومنذ 2016 أبرم الاتحاد الأوروبي المكون من (27) دولة اتفاقيات مع موريتانيا وتونس وتركيا ومؤخرا مع مصر في إطار سعيه للحد من الهجرة غير الشرعية.

وتشير بيانات يوروستات في 28 يونيو 2024 إلى إنه من بين أكثر من (100) ألف شخص من خارج الاتحاد الأوروبي تلقوا أوامر بمغادرة إحدى دول التكتل في الربع الأول من 2024، تم ترحيل ما يقرب من ثلثهم. وبلغ معدل الترحيل (29.5%) في الربع الأول من العام 2024 ، مقابل (21.6%) خلال الفترة نفسها من عام 2022. وارتفع عدد أوامر الترحيل الصادرة عن دول الاتحاد الأوروبي بنسبة (15%)، في حين زادت عمليات الترحيل التي نفذت بموجب هذه الأوامر بنسبة (58%) خلال الفترة ذاتها.

ومن بين المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي الذين أُمروا بمغادرة إحدى دوله، شكل الجزائريون والمغاربة الحصة الأكبر بنسبة سبعة بالمئة لكل جانب، وجاء الأتراك بعد ذلك بستة بالمئة ثم السوريون والجورجيون وكل منهما خمسة بالمئة.

ورحلت فرنسا أكبر عدد من الوافدين من خارج الاتحاد الأوروبي في هذا الربع إذ أعادت (4205) إلى دولة أخرى، من (34190) أُمروا بالمغادرة. وتلتها ألمانيا التي أعادت (3950) من (15400) صدرت أوامر لهم بالمغادرة. اللجوء والهجرة غير الشرعية داخل الاتحاد الأوروبي ـ السياسات والتدابير

جهود الدول الأوروبية لردع الهجرة إلى أوروبا 

لقد أدى الارتفاع الكبير في الهجرة إلى أوروبا في عامي 2015 و2016 إلى ظهور عدد من الحكومات الشعبوية التي ركزت على منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا. وقد اعتمدت دول في الاتحاد الأوروبي ​​قوانين جديدة تجعل من الصعب على طالبي اللجوء الحصول على الحماية والبقاء في بلدانها.

ـ إيطاليا: اتخذت الحكومة الإيطالية، بقيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وائتلافها اليميني المتطرف، عدة مبادرات للحد من عدد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا – وكلها مثيرة للجدل. أولاً، في أبريل 2023، اعتمدت إيطاليا قانونًا من شأنه أن يتطلب احتجاز طالبي اللجوء حتى تتم معالجة طلبات لجوئهم – وهي عملية تستغرق ما يصل إلى عامين.

كما أبرمت إيطاليا مؤخرا اتفاقية ثنائية مع ألبانيا لاحتجاز طالبي اللجوء في مراكز احتجاز في ذلك البلد . كما تفاوضت إيطاليا على اتفاقيات مع دول العبور في أفريقيا، بما في ذلك تونس، لكسب تعاونها في الحد من الهجرة إلى أوروبا. ومن المقرر أن تمنح اتفاقية حديثة مع تونس، تم توقيعها في 17 أبريل 2024، تونس (55) مليون يورو كجزء من خطة لمنع المهاجرين من السفر عبر البلاد للوصول إلى أوروبا. وأخيرًا، في يناير 2024، عقدت إيطاليا قمة مع الدول الأفريقية كشفت فيها عن ” خطة ماتي “، حيث ستقدم إيطاليا 5 مليارات يورو في استثمارات الطاقة والتعليم مقابل منع الهجرة من تلك البلدان.

ومع ذلك، ارتفعت أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا من (105) آلاف في عام 2022 إلى (158) ألفًا في عام 2023. فيما تتمتع إيطاليا بمعدل منخفض للغاية من العودة الفعلية: في عام 2023، تم ترحيل (4743) مواطنًا أجنبيًا .بنسبة (12%) فقط من جميع المهاجرين الذين صدرت أوامر بالطرد إلى أوطانهم بشكل فعال، وهو أقل بكثير من نسبة (19%) المسجلة في الاتحاد الأوروبي.

ـ اليونان : نظرًا لموقعها، كانت اليونان بمثابة نقطة دخول إلى أوروبا لطالبي اللجوء الفارين من الصراعات في سوريا والعراق ودول أخرى في الشرق الأوسط، وكذلك من دول شرق إفريقيا.

وصل حوالي (38,573) طالب لجوء إلى اليونان في عام 2023، وهو أكثر من ضعف عددهم في عام 2022. وانتشرت التقارير على نطاق واسع عن إساءة معاملة المهاجرين ودفع القوارب. وعلى مدار عام 2023، أصدرت الشرطة اليونانية (29869) أمر إبعاد ضد رعايا دول ثالثة وأشخاص عديمي الجنسية.

ـ فرنسا : أقر البرلمان الفرنسي مشروع قانون الهجرة في ديسمبر2023، والذي يقيد المزايا الاجتماعية للمهاجرين، ويبسط عملية اللجوء، ويسرع عمليات الترحيل. كما يقيد حق المواطنة بالولادة للأطفال المولودين لوالدين أجنبيين. وعلى وجه التحديد، يخفض القانون الجديد الحدود الزمنية لاستئنافات اللجوء، ويقلص عدد القضاة المسموح لهم بالنظر في الاستئناف من ثلاثة إلى واحد، ويسمح بعقد جلسات استماع عبر الفيديو، وهو ما ثبت أنه يقوض الإجراءات القانونية الواجبة. وتشمل الأحكام التقييدية الأخرى الترحيل السريع للأفراد الذين لا يمتثلون “لمبادئ الجمهورية” ــ المعروفة على نطاق واسع بأنها تستهدف المسلمين ــ وتوسيع نطاق سلطة الطرد لترحيل الأفراد الذين يعتبرون “تهديدا خطيرا للنظام العام”.

أفاد تقرير صادر عن منظمات حقوق المهاجرين في  30 أبريل 2024 ، أن السلطات الفرنسية احتجزت (46955) مهاجرا في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد وفي الأقاليم الخارجية في عام 2023، مقارنة بـ (43565) في العام السابق. لكن التقرير أشار إلى أن عدد المحتجزين في مراكز الاحتجاز الذين طُردوا من البلاد العام الماضي 2023 انخفض بنسبة (15%) مقارنة بعام 2022، على الرغم من زيادة عمليات الترحيل بشكل عام. وقال التقرير إن هذا يتناقض مع “الحجة السياسية التي تزعم أن الاحتجاز هو السبيل الوحيد للسماح بالترحيل”.

ـ ألمانيا : قاد المستشار الألماني أولاف شولتز تشريعًا لتسهيل ترحيل طالبي اللجوء الذين لم تنجح طلباتهم للجوء. من شأن قانون تحسين الإعادة إلى الوطن، الذي أقره البرلمان الألماني في 19 يناير 2024، تسريع عمليات الترحيل، وإطالة احتجاز طالبي اللجوء إلى (28) يومًا، وزيادة سلطة الشرطة الألمانية في تفتيش المساكن لترحيل طالبي اللجوء. زادت عمليات الترحيل من ألمانيا بنسبة (23%)  في عام 2023 ومن المتوقع أن ترتفع أكثر بعد إقرار القانون الجديد.

بالإضافة إلى ذلك، تتفاوض الحكومة الألمانية على اتفاقيات ثنائية للهجرة مع جورجيا ومولدوفا وكينيا وكولومبيا، من بين دول أخرى، حتى تتمكن من إرسال طالبي اللجوء إلى هناك. كما تحث ألمانيا الاتحاد الأوروبي على إعادة التفاوض على اتفاقية عام 2016 مع تركيا لإعادة طالبي اللجوء إلى ذلك البلد، بما في ذلك السوريون. وأخيرًا، أقرت ألمانيا مؤخرًا قانونًا ينشئ بطاقة للحصول على المزايا ، بدلاً من المدفوعات النقدية، من أجل ردع طالبي اللجوء عن إرسال المدفوعات إلى أقاربهم.

وافقت الحكومة الألمانية  في 27 يونيو 2024 على مسودة قانون قدمتها وزارة الداخلية لطرد وترحيل أي شخص في حال تأييده لجريمة إرهابية، ووفقا لذلك، من المنتظر أن يصبح من الممكن طرد شخص ما في حال تأييده لجريمة إرهابية واحدة. وكانت قد أعلنت ألمانيا في يونيو 2024  أنها تدرس إعادة عمليات ترحيل المهاجرين الأفغان الذين يشكلون تهديداً أمنياً . وفي 30 أغسطس 2024 أعلنت  ألمانيا إنها نفذت أول عملية ترحيل لمواطنين أفغان منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021.

ووفقاً لبيانات الحكومة الألمانية في 19 أغسطس2024 ، فقد  تم ترحيل نحو (7861 ) شخصًا من البلاد بين يناير ويونيو، بزيادة قدرها (27%)  عن نفس الفترة من العام الماضي. وفي الوقت نفسه، استمرت طلبات اللجوء في الانخفاض، وفقًا لأرقام حكومية رسمية.

ـ المملكة المتحدة : على الرغم من أنها ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي، فقد أطلقت المملكة المتحدة سياسات ردع خاصة بها لمنع طالبي اللجوء من الوصول إلى شواطئها بالقوارب. وحتى 21 أبريل 2024، وصل (6265) طالب لجوء إلى إنجلترا بالقوارب، بزيادة بنحو (25%) في المائة عن عام 2023.

ونتيجة لهذا الاتجاه، تفاوضت المملكة المتحدة على شراكة الهجرة والتنمية الاقتصادية مع رواندا في عام 2022، والتي تضمنت ترتيب شراكة اللجوء لرواندا لاستقبال طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إنجلترا بالقوارب. وقد أقر البرلمان  قانون الهجرة غير الشرعي في يوليو 2023، يوالذي حرم أي طالب لجوء يصل بالقارب إلى إنجلترا من حق اللجوء، مع استثناءات لضحايا الإتجار بالبشر والأطفال غير المصحوبين بذويهم. كما أقر البرلمان البريطاني قانون سلامة رواندا  في 22 أبريل 2024، والذي يلغي قرار المحكمة العليا في المملكة المتحدة ويعلن رواندا “دولة ثالثة آمنة”، ويسمح بترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون بالقوارب إلى رواندا. إن هذين التشريعين، اللذين أدانتهما الأديان وحقوق الإنسان وقادة الأمم المتحدة، يحرمان من الحماية لأكثر الفئات ضعفاً من المضطهدين.

وقد شهدت عمليات الإرجاع القسري في المملكة المتحدة زيادة مطردة على مدار العام الفائت، حيث بلغ إجمالي عمليات الإرجاع القسري للسنة المنتهية في مارس 2024 حوالي (7,016) لاجئ ، بزيادة قدرها (70%)عن العام السابق (4,127) . وفقا لاحصائيات نظام الهجرة في 13 يونيو 2024. الاتحاد الأوروبي ـ ملف الهجرة يثير الكثير من الانقسامات

**

4- اللجوء والهجرة غير الشرعية ـ تشريعات وتدابير الاتحاد الأوروبي

عدة عوامل سياسية واقتصادية دفعت إلى ظهور تيارات اليمين المتطرف من جديد على الساحة الأوروبية، بعد عقود من التراجع والخفوت على مستوى الحياة السياسية وداخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية، وتعد قضية اللجوء والهجرة هي إحدى القضايا التي ارتكزت عليها الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية، التي تبلغ أعدادها نحو 50 حزباً على مستوى أوروبا في عودتها القوية. ولم تكن نتائج الانتخابات الأوروبية التي أجريت في يونيو 2024 مفاجئة لصعود الأحزاب اليمينية التي حلت محل الأحزاب التقليدية، بل أن تصدرها للانتخابات في 8 دول، وفوز مجموعة المحافظين والإصلاحيين اليمينية المتطرفة بنحو 72 مقعداً، وكتلة الهوية والديمقراطية اليمينية المتطرفة بنحو 58 مقعداً، إضافة إلى 14 مقعداً لحزب “البديل من أجل المانيا” اليميني المتطرف الذي انسحب من كتلة الهوية والديمقراطية قبل الانتخابات، أظهر حجم النفوذ الذي تمتلكه هذه الأحزاب والتيارات في دول الاتحاد، والتي انعكست تدريجياً على الانتخابات التشريعية في فرنسا وخاصة الجولة الأولى، والانتخابات الإقليمية في ألمانيا. المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

كيف يستثمر اليمين المتطرف ملف الهجرة واللجوء؟

اعتمد اليمين المتطرف داخل الاتحاد الأوروبي في خطته للوصول إلى السلطة خلال سنوات، على تغذية خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين، والربط الدائم بين الأزمات الاقتصادية والهجمات الإرهابية والتهديدات الأمنية المحتملة، بخطط الحكومات الأوروبية في استقبال اللاجئين والمهاجرين، إذ وصل الأمر إلى تبني بعض الأحزاب اليمينية خطط صارمة لترحيل المهاجرين من دول التكتل، ما أدى إلى تصاعد حوادث العنف من قبل لاجئين. في المقابل سعى البرلمان الأوروبي السابق قبل انتهاء ولايته، إلى طرح قوانين من شأنها تشديد إجراءات قبول اللاجئين وفتح مراكز لاحتجاز المهاجرين على الحدود بين دول الاتحاد.

هذه الإجراءات لم ترضي اليمين المتطرف، بل ظل اللجوء والهجرة وسيلة لاستقطاب أصوات الناخبين في الانتخابات الأوروبية وباقي الاستحقاقات الانتخابية داخل كل دولة على حدة. واستغل تدهور الأوضاع الاقتصادية وخطط الموازنة في بعض الدول مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا في دعاية الانتخابات الأوروبية. ويعد اجتماع “حزب البديل من أجل ألمانيا” مع نظيره النمساوي في نوفمبر 2023 دليلاً على اتباع أحزاب اليمين سياسة “الهجرة العكسية” بطرد مئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين من دول الاتحاد.

قبل تولي زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” جورجيا ميلوني رئاسة الحكومة الإيطالية في أكتوبر 2022، تبنى الحزب وباقي الأحزاب اليمنية المتطرفة في إيطاليا مشروع معادي للاجئين والمهاجرين، ليحصل تحالف الأحزاب اليمينية على (44.2%) من الأصوات. ودعا حزب “الحرية” اليميني في هولندا إلى تجميد قواعد اللجوء والهجرة والانسحاب من اتفاقيات الاتحاد الأوروبي للهجرة، قبل أن يفوز الحزب بزعامة “خيرت فيلدرز” بـ (37) مقعداً من أصل (150) وبتفوق على التحالف اليساري.

تعد ألمانيا نموذجاً لاستغلال اليمين ملف الهجرة لصالحه، ووضع حزب “البديل من أجل ألمانيا” أزمة الهجرة واللجوء ضمن أولوياته منذ 2015، في ضوء تصاعد موجات اللجوء والانقسام السياسي الحاد حول قوانين الهجرة، وفي أغسطس 2023 روج الحزب إلى وثيقة مزورة نُسبت إلى شرطة الحدود الألمانية تشير إلى خطر أمني، وربط بين إلغاء مهرجان صيفي وموجات الهجرة عبر بولندا. وفي 21 سبتمبر 2023 طالبت المجموعة البرلمانية للحزب عن ولاية براندنبورغ، بإنشاء مركز احتجاز لترحيل جميع الأجانب المجبرين على مغادرة البلاد بنهاية 2023، وإنهاء الدخول غير القانوني لألمانيا. وفي 29 سبتمبر 2024 استغل أكبر المظاهرات الرافضة للمهاجرين في غورليتس شرق ألمانيا، لنشر المخاوف بين السكان بأن أي أعمال عنف محتملة ناجمة من المهاجرين.سياسة اللجوء والهجرة، إلى أين تتجه ألمانيا بعد هجوم “زولينغن”؟

لماذا تتجه دول الاتحاد إلى خفض مزايا اللجوء والحد من الهجرة غير الشرعية؟

نتائج الانتخابات على المستويين الأوروبي والوطني، دفعت الأحزاب التقليدية إلى الاتجاه نحو موقف أحزاب اليمين في الهجرة واللجوء، وفي انتخابات البرلمان الأوروبي، حصلت كتلة يمين الوسط على (26.3%)، والاشتراكيون على (18.8%) واليمين المتطرف على (8.1%)، وسجلت أحزاب اليمين المتطرف زيادة في عدد المقاعد بحصولها على المركز الأول في فرنسا وإيطاليا والثاني في ألمانيا وهولندا. وفي فرنسا حصل التجمع الوطني على (31) مقعداً من أصل (81) مقعداً فرنسياً بالبرلمان الأوروبي ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية. وفاز حزب “إخوة إيطاليا” بـ (28.8%) من مقاعد إيطاليا بالبرلمان الأوروبي، وحصل حزب “الحرية” اليميني المتطرف بالنمسا على (27%) من أصوات النمسا بالبرلمان الأوروبي، وفاز حزب “فيدس” المجري في الانتخابات الأوروبية بنسبة (44.4%). المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

حصل حزب” البديل من أجل ألمانيا” على (15.9%) من الأصوات خلف حزب المحافظين المسيحيين، وبتقدم كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر، وزيادة بنسبة (11%) عن انتخابات البرلمان الأوروبي 2019. وفي إسبانيا حصل حزب” فوكس” اليميني المتطرف على (9.62%)، وتصدر اليمين المحافظ النتيجة بـ (34%) من الأصوات.

على مستوى الانتخابات التشريعية والإقليمية، حصل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه على (143) مقعداً ليأتي في المركز الثالث في الانتخابات التشريعية الفرنسية التي اختتمت في 7 يوليو 2024. ورغم عدم تصدره للنتائج، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 5 سبتمبر 2024، عين ميشيل بارنييه رئيسياً للحكومة لكسر حالة الجمود السياسي، وينتمي بارنييه لحزب الجمهوريين اليميني الوسطي وحظي بتأييد حزب التجمع الوطني، خاصة وأن السياسيين اليمينين حددوا شروط لقبول الحكومة، تتعلق بتدابير القدرة الشرائية والأمن والهجرة، واحترام المشرعين والتمثيل النسبي لليمين المتطرف بالبرلمان. وحقق حزب “البديل من أجل ألمانيا” فوزاً غير مسبوق في الانتخابات الإقليمية في مقاطعتي تورينغن وساكسونيا شرق ألمانيا. وتعد هذه النتائج أكبر نجاح له منذ الحرب العالمية الثانية، ويضم الحزب (40) ألف عضو بينهم (77) عضواً بالبرلمان من إجمالي (733) عضواً. ويحظى بشعبية (22%) على المستوى الوطني، و(30%) في بعض الولايات.اليمين الشعبوي في ألمانيا، صعود كبير في ولاية تورينغن، ما التداعيات؟

تداعيات استغلال اليمين المتطرف للهجرة

تراجع اهتمام البرلمان الأوروبي بتشكيله الجديد بقضايا مثل تغير المناخ وتفعيل خطط التنمية المستدامة، لتوجيه الجهود والتمويلات للحد من الهجرة واللجوء، وتؤثر نفوذ الأحزاب اليمينية في البرلمان على التشريعات والإجراءات المتعلقة بقوانين الهجرة واللجوء ومراقبة الحدود بين الدول، وترحيل المهاجرين واللاجئين المتواجدين بالفعل. وتزيد سياسات اليمين المتطرف ضد الهجرة من حالة الانقسام المجتمعي في دول التكتل الأوروبي، بتغذية الكراهية تجاه المهاجرين، وطرح خطط ترحيل للمهاجرين، ما يهدد أي محاولات لدمج اللاجئين في المجتمعات الأوروبية. المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

تدابير الاتحاد لحماية حدوده

اعتمد البرلمان الأوروبي في 10 أبريل 2024، ميثاقاً جديداً للهجرة واللجوء، يسمح باستخدام تقنية التعرف على الوجه وجميع البيانات البيومترية بتخزين صور وبيانات المهاجرين لمدة (10) سنوات، واستخدام طائرات بدون طيار عسكرية للكشف عن قوارب اللاجئين في البحر المتوسط. وفي 14 مايو 2024، وافق وزراء الاتحاد الأوروبي على إصلاح شامل لقوانين اللجوء والهجرة، وتسعى بعض الدول لتشديد سياسات الكتلة الأوروبية وإرسال المهاجرين إلى دول ثالثة تعالج طلباتهم، وتجبر هذه التشريعيات تقاسم جميع دول التكتل أعباء الهجرة واللجوء، ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026.

فرض الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء في 10 يونيو 2024، تدابير مشددة على الحدود الخارجية للاتحاد وسياسات مكافحة الهجرة. وتستهدف قواعد الهجرة الجديدة، إجراء فحص للمتقدمين للجوء عبر الحدود، ويخضع للفحص مقدمو الطلبات القادمين من دول بها معدل اعتراف باللجوء من الاتحاد أقل من (20%) والدول التي تشكل خطراً على الأمن العام. وسيتوسع دور منسق العودة بالاتحاد، في تحويل إجراءات الترحيل إلى إجراءات مركزية لضمان فعالية الإجراءات وعدالتها.

ظهرت خلافات أوروبية حول ميثاق الهجرة واللجوء الجديد، رغم إقراره بموافقة (55%) من الأعضاء، وصوتت المجر وبولندا ضد الخطة بأكملها، بينما اعترضت النمسا وسلوفينيا على بعض البنود. وتنظر منظمات غير حكومية وأحزاب يسارية إلى أن هذه الإجراءات استرضاء لليمين المتطرف، كونها تحث على احتجاز القصر غير المصحوبين بذويهم الذي يعدون خطراً أمنياً، وقد تصل فترة الاحتجاز إلى (6) أشهر، بينما ينظر اليمين المتطرف مثل حزب التجمع الوطني إلى أن التدابير غير كافية للحد من الهجرة.اللجوء والهجرة في ألمانيا مابين خطط الأحزاب السياسية و المحكمة الدستورية

**

تقييم وقراءة مستقبلية

– تسعى اتفاقية الهجرة الأوروبية لعام 2024 إلى تحقيق توازن بين تحسين الإدارة الأمنية للهجرة وتقديم الدعم اللازم للمهاجرين واللاجئين، مما يعكس التزامًا شاملاً بمعالجة القضايا المعقدة التي تتعلق بالهجرة في القارة الأوروبية.

– تؤكد المفوضية الأوروبية باستمرار إن تعزيز إدارة الحدود على طول طريق الهجرة ضروري للحد من المهاجرين غير الشرعيين، مع الأخذ في الاعتبار أيضا طريقة عمل الإرهابيين والجماعات المتطرفة والجريمة المنظمة.

– يشكل تسريع عودة الأشخاص الذين يعتبرون خطرا أمنيا، واعتماد أنظمة تأشيرات أكثر صرامة، أولوية للحكومات الدول الأوروبية بعد الهجمات الإرهابية التي تورط فيها لاجئين. ل سيما أن الأمن والهجرة هما موضوعان معقدان ومتداخلان، وتستمر السياسات في التطور مع تزايد الأوضاع وتعقيدها.

– مستقبل الهجرة والأمن في أوروبا سيعتمد على كيفية تعامل الدول مع هذه التحديات والتطورات، فمن المرجح أن تستمر أوروبا في السعي لتوحيد سياسات الهجرة والأمن عبر الدول الأعضاء، بما في ذلك تحسين نظام اللجوء وإجراءات التحقق من الهوية.

– قد تشهد السنوات المقبلة إصلاحات جديدة في قوانين الهجرة، والاعتماد على التكنولوجيا في إدارة الهجرة والأمن، مثل أنظمة الرقابة الذكية وتحليل البيانات الكبرى لتحسين فعالية الإجراءات، وتحقيق توازن أفضل بين السيطرة على الحدود وحماية حقوق الإنسان.

**

الهجرة غير الشرعية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التحديات التي تواجه أوروبا اليوم. ومع تزايد تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر والبر، يزداد خطر تسلل العناصر المتطرفة واستغلال هذا التدفق لأغراض تخريبية. بيد أن معالجة هذه الظاهرة لا يجب أن تقتصر على الحلول الأمنية فقط، بل يجب تبني استراتيجيات شاملة تعالج الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية للمهاجرين، بما يقلل من خطر تحولهم إلى عناصر تهديد أمني.

إن فهم هذه الظاهرة يعكس أهمية النظر إلى التطرف والإرهاب من منظور أوسع، حيث يمكن أن يكون الإرهاب ناتجًا عن مجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية والنفسية والسياسية، وليس فقط نتيجة الانتماء إلى تنظيم متطرف. هذه الحقيقة تفرض على الدول الأوروبية تطوير سياسات شاملة تهدف إلى معالجة هذه العوامل، من خلال تحسين سياسات الهجرة واللجوء، والعمل على دمج المهاجرين في المجتمع بدلاً من تهميشهم.

لمواجهة التهديدات الناجمة عن الهجرة غير الشرعية والتطرف، يجب على الدول الأوروبية تبني استراتيجيات شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

من بين الحلول الممكنة: تعزيز التعاون الأمني بين الدول: يجب على دول الاتحاد الأوروبي ودول الجوار مثل تركيا وشمال إفريقيا تحسين تبادل المعلومات والتعاون الأمني لضبط الحدود ومنع تسلل العناصر المتطرفة.

إصلاح سياسات اللجوء: من الضروري تحسين سياسات اللجوء لضمان دراسة الطلبات بشكل سريع وشفاف، مع تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمهاجرين الذين تم رفض طلباتهم.

تعزيز برامج الدمج الاجتماعي: يجب العمل على دمج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية بشكل فعال، من خلال توفير فرص العمل والتعليم والمشاركة الاجتماعية، مما يقلل من خطر التطرف.

مكافحة التطرف عبر الإنترنت: تعمل الجماعات المتطرفة على نشر دعايتها عبر الإنترنت لاستقطاب الشباب. لذا، يجب تعزيز الجهود لمكافحة الدعاية المتطرفة عبر المنصات الرقمية.

**

ـ أصبحت قضية الهجرة واللجوء عبء على أوروبا. وما تقوم به دول الاتحاد الأوروبي لحد الآن هي مساعي لحماية حدودها ومنع الهجرة على حساب الدول المصدرة أو الدافعة للهجرة.

ـ في خطوة تهدف إلى الحد من الهجرة غير القانونية، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع عمليات ترحيل المهاجرين. جهود ظهرت نتائجها في بيانات الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي التي أشارت إلى أعداد متزايدة من المهاجرين الذين أجبروا على مغادرة أراضي الكتلة يجري ترحيلهم إلى دول خارجها في إطار الجهود المبذولة للسيطرة على الهجرة غير الشرعية.

ـ ينبغي على دول التكتل الأوروبي ، تقديم حلول جذرية للتصدي لحالات النزوح غير المسبوقة في العالم، بإقامة مشروعات تنموية وإنسانية في الدول الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وأفغانستان.

ـ إن وجود سياسة مشتركة للهجرة لا يكفي، بل يجب تطبيقه أيضا بطريقة تحترم القيم الأوروبية. سيكون هذا هو المقياس الحقيقي لنجاح الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الهجرة، بالإضافة إلى توسيع دائرة الاتفاقيات الثنائية والإقليمية بين الاتحاد الأوروبي ودول إفريقيا لاسيما شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير الشرعية.

ـ بات من المتوقع أن تزيد الحكومة الأوروبية من جهودها عبر توقيع اتفاقيات على المستوي الوطني للحد من الهجرة الغير شرعية وإقناع دول شمال وغرب إفريقيا بإعادة قبول مواطنيها بمجرد أن يخضعوا لأمر الطرد أو الترحيل.

ـ من المُرجح أن يستمر ملف التعاطي مع قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء الإنساني وإجراءات الترجيل التعسفي مصدر قلق للعديد من الدول الأوروبية ، إذ تعتبره هذه الحكومات أحد أهم أسباب صعود التيار اليميني الذي يعتمد على خطابات شعبويَّة لتغذية الانقسام وتعزيز خطاب الكراهية ضد المهاجرين.

**

– المشهد الجديد في الاتحاد الأوروبي وعدد كبير من الدول الأعضاء في مقدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، يؤكد على أن التوجه بات نحو اليمين في تشكيل البرلمانات والمجالس المحلية وأيضاً الحكومات، ومن ثم السياسات والتشريعات المتعلقة بالهجرة، خاصة وأن ملف الهجرة كان ذريعة الأحزاب اليمينية المتطرفة لتنفيذ أجندتها السياسية وكسب ثقة الناخبين، بعقد مقارنات مستمرة بين خطط الحكومات الحالية وبرامج اليمين السياسية، ورغم اختفاء لاعبين قدامى في اليمين المتطرف على مستوى الاتحاد الأوروبي، إلا أن الوضع لم يختلف كثيراً بظهور لاعبين جدد، بل أن هذه التغيرات بين الأحزاب اليمينية ساهمت في تطوير أدواتها للترويج لأي أفكار معادية للمهاجرين، وتصدير صورة غير حقيقية حول اللاجئين والمهاجرين وتداعيات استقبال دول التكتل لهم على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

– باتت الأحزاب التقليدية والحكومات الأوروبية في مأزق بشأن التعامل مع المهاجرين واللاجئين، في ظل مخاوف من زيادة أعداد الوافدين إلى دول الاتحاد بحثاً عن ملاذ آمن مع استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، واضطراب الوضع في الشرق الأوسط مثل السودان واحتمالية فتح جبهات صراع أوسع في لبنان والضفة الغربية إضافة إلى غزة، وفي المقابل تتصاعد حدة التهديدات الأمنية في أوروبا نظراً لاستغلال بعض التنظيمات الإسلاموية المتطرفة هذه الأحداث، ما يتيح الفرصة أمام أحزاب اليمين المتطرف لتثبيت أقدامها على الساحة السياسية، وتقديم نفسها كبديل للأحزاب التقليدية في إدارة المرحلة المقبلة. المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

– تتجه أغلب دول التكتل الأوروبي إلى تطبيق استراتيجية “الأبواب المغلقة” في التعامل مع المهاجرين واللاجئين الجدد، ولكن هذه الإجراءات التي تتخذها لا ترضي الأحزاب اليمينية المتطرفة، بل تطالب بمزيد من القواعد الصرامة التي قد تطول المهاجرين واللاجئين المتواجدين بالفعل على أراضي دول الاتحاد، ما يزيد من الانقسامات السياسية بين الأحزاب الليبرالية واليسارية والمحافظة من ناحية والأحزاب اليمينية المتطرفة من ناحية أخرى.

– يعد الوضع في ألمانيا مثيراً للتساؤلات من حيث صعود اليمين المتطرف، متمثلاً في حزب “البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات التشريعية والأوروبية وأيضاً المحلية، وتصاعد حدة نبرة خطابه ضد سياسات ألمانيا في اللجوء والهجرة، ما أجبر السلطات الألمانية في الاتجاه نحو إجراءات أكثر حزماً ضد اللاجئين، الأمر الذي يثير المخاوف خاصة وأن ألمانيا تحملت العبء الأكبر لموجة اللاجئين والمهاجرين منذ 2015.

دعوات أحزاب الائتلاف الحاكم إلى تدابير إلغاء حق اللجوء وإعادة المهاجرين عند الحدود، تفسر أن مسألة اللجوء والهجرة تحولت إلى قضية سياسية بحتة، خاصة وأنها كانت مؤثرة في توجهات تصويت الناخبين، نظراً لأنه بنهاية 2023 أصبح هناك نحو (3.2) مليون شخص لاجئ، وتجاوز عدد اللاجئين الأوكرانيين مليون شخص وبلغت طلبات اللجوء (44) ألف طلب، ومن المتوقع أن تسجل طلبات اللجوء في 2024 (270) ألف طلب. والآن يظل هناك نصف مليون طلب لجوء معلقاً، بعد صدور أوامر بترحيل (227) ألف شخص، ولكن عقبات الترحيل عطلت (80%) منهم.

-اتجاه فرنسا إلى حكومة يغلب عليها طابع التيار اليميني، وتحظى بتأييد أكبر الأحزاب اليمينية المتطرفة حزب “التجمع الوطني”، يشير إلى انقسام واضح بين الأحزاب اليسارية والمحافظة والليبرالية بشكل كبير حول القضايا الشائكة وعلى رأسها الهجرة واللجوء، الأمر الذي يتطلب من هذه الأحزاب إنهاء الخلافات والانتباه إلى تداعيات سيطرة التيار اليميني المتطرف على زمام القرارات والتشريعات في الدولة الفرنسية.

– ينبغي أن تراعي الأحزاب التقليدية داخل البرلمان الأوروبي وفي بلدانها، تدابير ترحيل المهاجرين ودمج اللاجئين، وأن لا تتماهى سياساتها مع السياسات المتشددة لأحزاب اليمين المتطرف، فهي بالأساس مهددة للنظم الديمقراطية والدساتير التي يرتكز عليها الاتحاد الأوروبي، وتفقد التكتل الأوروبي دوره الرئيسي الذي يلعبه في أوقات الصراعات السياسية والأزمات الإنسانية، ما يتطلب من الحكومات الراهنة التوافق على إجراءات متوازنة تحافظ على الأمن القومي لدول التكتل، وتسهم في تخفيف معاناة اللاجئين والمهاجرين التي تزايدت أعدادهم بوتيرة غير معهودة الأعوام الأخيرة. المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

– ينبغي على الاتحاد الأوروبي توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر فعالية، في مراقبة الحدود وفحص المهاجرين وطلبات اللجوء المعلقة، ما يساعد على تقليل فترة النظر في طلبات اللجوء، والتدقيق في طبيعة الوافدين وأسباب اللجوء والهجرة، ما يعني تطبيق التدابير الأساسية وضبط الحدود من موجات الهجرة غير الشرعية، دون الانجرار إلى استراتيجية اليمين المتطرف التي تطالب بترحيل جميع طالبي اللجوء وطرد كافة المهاجرين المتواجدين.

– معالجة الجذور الأساسية لتمدد تيار اليمين المتطرف واستغلاله لخطاب الكراهية ضد المهاجرين، يعد كلمة السر لتحجيم حضور هذا التيار السياسي داخل المجتمعات، وبين الفئات الأكثر صغرا والأكثر عرضة للتجنيد على شبكات الإنترنت من قبل اليمين المتطرف، ما يساعد في تقليل ثقله السياسي والمجتمعي خلال السنوات المقبلة، خاصة وأن منحنى نفوذ أحزاب اليمين المتطرف في دول الاتحاد قابل للتصاعد في ضوء المتغيرات السياسية الحالية على الصعيدين الأوروبي والدولي.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=96701

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

الهوامش

Darf man Dublin-Flücht­lingen die Leis­tungen strei­chen?
https://tinyurl.com/4cksaz4e

Number of refugees and asylum seekers in Europe keeps rising, data shows
https://tinyurl.com/bdf3bnw8

EU seeks to speed up expulsion of unwanted migrants after terror attacks
https://tinyurl.com/45vx5bp4

**

Irregular migration and return
https://bit.ly/3MElQH0

Countering irregular migration: better EU border management
https://bit.ly/3Zg7OTs

Illegal Immigrant Terrorism — Right-Wing Boogeyman Or Credible Threat?
https://bit.ly/4cU79dz

EU seeks to speed up expulsion of unwanted migrants after terror attacks
https://bit.ly/3Xmirl8

**

Irregular migration and return
https://bit.ly/3MElQH0

Countering irregular migration: better EU border management
https://bit.ly/3Zg7OTs

Illegal Immigrant Terrorism — Right-Wing Boogeyman Or Credible Threat?
https://bit.ly/4cU79dz

EU seeks to speed up expulsion of unwanted migrants after terror attacks
https://bit.ly/3Xmirl8

**

Far right becomes kingmaker in France following Michel Barnier nomination
https://bit.ly/3XwEmrb

الانتخابات الأوروبية – في أي الدول تصدّر اليمينُ المتطرف؟
https://bit.ly/3AR9BUR

EU elections: far-right parties surge, but less than had been expecte
https://bit.ly/3MChKiU

EU migration policy is getting tougher: the 3 new tactics used to keep African migrants out
https://bit.ly/3XAUuYR

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...